نشر جورج غالاوي، عضو البرلمان البريطاني والناشط المعروف بتأييده للقضايا العربية رسالة مسجلة بالفيديو على صفحته على اليوتيوب، وأوضح فيها موقفه من الانقلاب في مصر، ومن النضال السلمي المصري والدولي لإسقاط الانقلاب، وقال إنه يعمل على تشكيل ائتلاف دولي لمناهضة الانقلاب.

وأضاف غالاوي إن جماعة الإخوان المسلمين "التي ناضلت ضد الطغيان الوحشي وتحملت تبعات ذلك عقودا دون أن تلجأ إلى العنف، والتي فازت مؤخرا بالانتخابات الحرة في مصر، توصم الآن بأنها منظمة إرهابية، وجرى مسحها تماما من الخارطة السياسية الرسمية لمصر".

وفيما يأتي نص الرسالة:

تأتيكم هذه الرسالة المصورة عبر موقع مولوكا ميديا، وبإمكانكم أن ترسلوا لي تعليقاتكم من خلال موقعي في تويتر George Galloway أو من خلال موقعي في الفيسبوك George Galloway MP.
 
أود اليوم أن أتحدث إليكم عن الوضع في مصر حيث قامت طغمة عسكرية بقيادة الجنرال السي سي قبل عام، بالاستيلاء على السلطة من الحكومة المنتخبة للإخوان المسلمين بقيادة الرئيس مرسي.
 
ولم تتوقف هذه الطغمة منذ ذلك الوقت عن إغراق البلد في سيل من الدماء.
 
كنت قد منعت من دخول مصر عندما كان يحكمها الدكتاتور السابق حسني مبارك.
 
وكان ذلك عملا انتقاميا بسبب مرافقتي مرارا وتكرارا لقوافل كسر الحصار المفروض على غزة التي وفدت عليها من كل حدب وصوب.
 
بعد الثورة التي أسقطت مبارك عدت إلى البلد عدة مرات، في الحقيقة، للمشاركة في حملة أول انتخابات رئاسية حرة، ليس لصالح الرئيس مرسي وإنما لصالح أحد منافسيه.
 
بالطبع، كان من الطبيعي في الجولة الأخيرة أن أدعم الرئيس مرسي ضد خصمه الذي كان من فلول نظام مبارك.
 
أعتقد بأن الرئيس مرسي ارتكب أخطاء خلال العام الذي قضاه في منصب رئاسة مصر، رغم أن هذه الأخطاء جرى تضخيمها في كثير من الأحيان.
 
ولكني أعتقد أنه يبقى هو الرئيس الشرعي لمصر وأن من سلبوه السلطة ليس لهم شرعية قانونية أو سياسية.
 
ها قد خرج مبارك من السجن بينما يحتجز الرئيس مرسي وعشرات الآلاف من المصريين وراء القضبان، وها قد عاد فلول النظام القديم وهم متعطشون للانتقام.
 
لقد أقدمت الطغمة العسكرية - وهكذا ستظل رغم المظهر العام لها هذه الأيام وهي تظهر بلباس مدني - على الانقلاب على كثير من مكاسب الثورة، وقامت باضطهاد ليس فقط أنصار الرئيس الشرعي والقانوني وإنما حتى أولئك الذين غرر بهم فدعموا الانقلاب العسكري.
 
والآن، الإسلاميون واليساريون واليبراليون والقوميون العرب ونشطاء حقوق الإنسان، تعج بهم السجون وحجرات التعذيب معا، بل وحتى المقابر.
 
ولعل الأسعد حظا منهم هم أولئك الذين شردوا في الداخل (…...................)
 
دولة المعتقلات الكئيبة، التي هي مصر السيسي، باتت أسوأ، بل أسوأ بكثير من دكتاتورية حسني مبارك، وهذا له دلالاته.
 
ما يسمى بالمجتمع الدولي يتعامل مع الأوضاع بنعومة بالغة، ويتصرف كأن شيئا من ذلك لم يحدث على الإطلاق.

أولئك الذين لا يتوقفون عن إخبارنا كم هم مؤمنون بالديمقراطية صمتوا، فلا يصدر عنهم شيء إزاء الانقلاب على الديمقراطية في مصر بعد عام واحد فقط.
 
أولئك الذي لا يسأمون وعظ العالم بشأن حقوق الإنسان، فقدوا ألسنتهم إزاء الاعتقال الجماعي لنشطاء حقوق الإنسان وإزاء استخدام التعذيب، وإزاء الأحكام الجماعية بالإعدام، بعد محاكمات هزلية لا تستمر في بعض الأوقات سوى ساعات قليلة.
 
وأولئك الذين هم على أهبة الاستعداد لشن الحروب، إذا ما قتلت بعض الأنظمة مواطنيها نسوا، ناهيك عن أن يكونوا لاحظوا، مجزرة رابعة التي قتل فيها آلاف المحتجين المدنيين قنصا، كما لو كانوا سمكا في برميل، بينما هم كانوا محاصرين في الميدان الذي ذبحوا فيه.
 
أولئك الذين يحتفلون بذكرى ميدان "تيانانمان" وكلهم حزن وأسى، لا يأبهون بذكر رابعة ولا حتى يتظاهرون بالاهتمام بها.
 
جميع قنوات التلفزيون، وجميع المحطات الإذاعية والصحف المعارضة والصحفيين الثائرين والمنظمات غير الحكومية.. كل من يسأل منهم سؤالاً مزعجا أو يرفض الانسجام مع التوجه العام يوقف أو يشرد في الأرض، وعدد كبير منهم لقوا حتفهم قتلاً أو تعذيبا، أو ألقي بهم في الزنازين الكئيبة.
 
يقود السيسي الآن واحدة من أعتى الدكتاتوريات في العالم، ولكنك قد لا تعرف ذلك إذا كانت معلوماتك مستقاة فقط مما يسمى بوسائل الإعلام العادية.
 
الدكتاتوريات العربية الأخرى مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، واللتان ترتعد فرائصهما رعبا من احتمال حدوث تحول ديمقراطي فيهما، تصبان المليارات من الدولارات في جيوب الطغمة العسكرية المصرية والتي يؤول معظمها كما هو معهود إلى الجيش.
 
ها قد عاد الجيش مجددا ليمارس دوره غير المشرف كمالك للبنوك والفنادق والمتاجر والمصانع والمزارع.
 
لقد أطرى بعض المضللين على السيسي، ونأمل أن يكونوا صحوا من غفلتهم، معتبرين إياه "ناصر" الجديد، إلا أنه أثبت للجميع أنه مجرد حاكم عسكري آخر ينفّذ بكل إخلاص الأوامر التي تصدر إليه من إسرائيل ومن الولايات المتحدة الأمريكية.
 
لقد شدد السيسي الخناق على غزة بتكثيف الحصار، ودمرت الأنفاق، وباتت بوابات رفح مغلقة.
 
لقد استؤنف التنسيق الوثيق بين الطغمة العسكرية والدولة الصهيونية بكل قوة.
 
وجماعة الإخوان المسلمين، التي ناضلت ضد الطغيان الوحشي وتحملت تبعات ذلك عقودا دون أن تلجأ إلى العنف، والتي فازت مؤخرا بالانتخابات الحرة في مصر، توصم الآن بأنها منظمة إرهابية، وجرى مسحها تماما من الخارطة السياسية الرسمية لمصر.
 
مصر مهمة؛ فهي قلب العالم العربي.. هي أهم بلد عربي.
 
والديمقراطية مهمة؛ وإذا كانت الرسالة إلى شعوب العالم العربي أنهم لا يستحقون الديمقراطية، وأن بإمكانهم أن يسقطوا طغاتهم، فإنه بإمكانهم أن يستبدلوهم فقط بأولئك الذين يستمرون في العمل كما هو معهود مع إسرائيل والغرب.
 
إذن، فنحن بذلك نقتل كل إيمان بالديمقراطية في العالم العربي، بل وفي العالم الإسلامي الأوسع.
 
وماذا ستكون النتيجة؟ هناك خلاصة واضحة واحدة يمكن أن يستخلصها العرب مفادها أن الديمقراطية مجرد وهم، أو خداع، وأنه لا طائل منها على الإطلاق.
 
ماذا يوجد مما قد يحرض على التطرف والغلو أكثر من هذا الذي جرى بحق الحكومة الإسلامية المنتخبة في مصر؟!
 
إذا كانت هذه هي الخلاصة التي تستنتج، فسوف ينتهي بنا الأمر إلى حصاد مريع، لأن المسلمين سينجذبون أكثر فأكثر نحو الرؤية التي يمثلها في العالم تنظيما القاعدة وداعش.
 
ولك أن تتصور التداعيات المرعبة بالنسبة لهم وبالنسبة لكل من يأتي من بعدهم.
 
آمل ألا تكون هذه هي الخلاصة التي تستنتج، وأنه بدلاً من ذلك، سيتخذ النضال من أجل الحرية في مصر وفي كل مكان مسارا مختلفا، وأن ذلك سيتضمن اعترافا بالأخطاء التي ارتكبها الرئيس مرسي والأخطاء التي ارتكبها خصومه، والتي ساهمت فيما حل بمصر من مصيبة.
 
يتوجب علينا على المدى القصير تشجيع الوحدة في مصر ضد الدكتاتورية ولصالح عودة الديمقراطية.
 
أما دوليا، فعلى جميع التقدميين أن يضعوا جانبا خلافاتهم مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية، وأن يساندوا الحملة التي تستهدف عزل الطغمة الحاكمة التي يتزعمها السيسي من خلال تسليط الضوء على جرائمها.
 
وعليهم أن يفرضوا على حكوماتهم اتخاذ موقف ضد دكتاتورية السيسي.
 
خلال الشهور القليلة القادمة سوف أبذل كل ما في وسعي في سبيل بناء تحالف واسع..
 
آمل آن تنضموا إلي..
 
والسلام عليكم.