بعد الفضيحة المدوية لما عُرف إعلاميًا باسم "جهاز الكفتة"، الذى شبهه المصريون باختراع "الفنكوش"، بعد أن أصيب الملايين بخيبة أمل بعد الوعود المتكررة لعلاج فيروس التهاب الكبد الوبائي "سي" و"الإيدز"، يحاول النظام بيع الوهم مجددًا لهؤلاء الذين استبشروا خيرًا بالعقار الأمريكي "سوفالدي". 
 
فالأمر لايعدو صفقة لاتستهدف سوى علاج 50 ألف من أصل 12 مليون مريض، وبتكلفة تعدت آلاف الجنيهات لا يقوى ضحايا المرض الفتاك على تحملها، وخاصة بعد أن تسربت معلومات حول وجود صفقات وشروط تمليها الشركة الأمريكية المنتجة للعقار وتنازلات غير مبررة نهائيًا تقدمها وزارة الصحة المصرية في ظل التعتيم التام على العقود والاتفاقيات المبرمة، وتجاهل تام وإقصاء لنقابة الصيادلة وحرمانها من حقها فى متابعة الملف والإشراف عليه. 
 
وقال الدكتور علاء عوض أستاذ الكبد بمعهد "تيودور بلهارس"، إن "العقار الجديد هو بداية مرحلة جديدة من الطب لعلاج فيرس سي، حيث يمر العلاج بمرحلة شديدة الديناميكية، لذا فهو أحد بدايات ظهور جيل جديد من الأدوية، لكن البروتوكول العلاجي للمرض لا يزال حتى الآن فى طور التشكل، لذا فلا يمكن لأحد أن يجزم بأن ذلك العلاج فعال 100 % وسيقضى تمامًا على المرض، فالأمر لا يزال قيد البحث". 
 
وأوضح أنه لا يمكن لأحد أن يجيب على تساؤلات حول ما إذا كان هو العلاج الوحيد الفعال أم أن هناك غيره، وكذلك حول ما إذا كان له دور مميز عن باقي الأدوية أم إذا كانت هناك إمكانية ليحل محله عقار جديد، فخلال الفترة القادمة ستظهر العديد من النظم العلاجية الجديدة، متوقعًا مع نهايات عام 1015 أن يكون هناك استقرار عالمي على الأدوية الفعالة لالتهاب الكبد الوبائي. 
 
وبشأن التعاملات المادية والصفقات الخاصة بإنتاج العقار واستيراده، أوضح عوض، أن التعاقد الذى تم بين وزارة الصحة المصرية والشركة المنتجة للعقار"جلعاد" لم يتم نشره حتى الآن ولم يتم الإعلان والكشف عن الالتزامات التى قدمتها الدولة للشركة أو العكس، وحول كمية الإنتاج وحصرية الحصول على الدواء من الشركة وتوزيع الدواء  هناك تعتيم كبير على ذلك. 
 
وكشف عوض، عن معلومات وصلت إليه تفيد بأن الشركة المنتجة اشترطت على الحكومة المصرية أن توكل مهمة توزيع العقار لإحدى الشركات الأجنبية بعينها "فارما أوفرسيز" وبشكل حصرى، بالرغم من أن الشركة المصرية لتجارة الأدوية، وهى عامة مملوكة للدولة الوحيدة المختصة حصريًا باستيراد الأدوية من الخارج.
 
 وأوضح أستاذ الكبد بمعهد "تيودور بلهارس" أن "تلك هي المرة الأولى التي يسمح فيها لشركة خاصة بالاستيراد الحصري لدواء بهذه القيمة الاستراتيجية"، مبديًا تخوفه مما يحمله ذلك من مخاوف سيطرة "جلعاد" على السوق المصرية والمتاجرة بصحة ملايين المرضى. 
 
وأضاف عوض، أنه توصل لمعلومات أخرى خاصة، تؤكد أن هناك اتفاقًا بأن تقوم الشركة المصرية لتجارة الأدوية بتأجير منافذ البيع الخاصة بها فى مراكز علاج الكبد إلى شركة "فارما أوفرسيز"، ما يعني أيضًا سيطرة الشركة الخاصة على توزيع الدواء فى السوق المحلية. وطالب عوض، وزارة الصحة، بالرد على تلك المعلومات أو نفيها، مشددًا على ضرورة نشر العقد المبرم بين شركة جلعاد والدولة المصرية، موضحًا أن من حق المجتمع أن يعرف حدود الالتزامات القانونية التى قدمتها الدولة للشركة.