صابر مشهور

كان مرسي يقول في خطاباته عبارة ( أريد أن أحكمكم بالحب) وهي عبارة لم تستوقفني نهائيا؛ ولم أعر لها بالا؛ ومرت الأيام؛ وخطف البلطجي المجنون الأحمق السيسي رئيسنا المنتخب؛ فخرج محمد باكوس في وصلة ساخرة من الرعاع ومن قول مرسي أنه يريد أن يحكمنا بالحب.

توقفت مع نفسي وتذكرت عبارة مرسي التي رددها أكثر من مرة ؛ وقلت لنفسي يبدو أنه كان رجلا يفيض بالإنسانية جدااا؛ لكن في الحكم لا محل للحب والحنان والعطف؛ وأنه بكي لأن أما وافقت على تأجير طفلها بخمسين جنيه ليلقي مولوتوف على قصر الاتحادية؛ ووضعت في جيبه ورقة بها عنوانه حتى إذا قتل في الاشتباكات تستطيع الأم العثور على جثة طفلها بسهولة.

ظللت أقول لنفسي: مرسي كان طيب وحنين أكثر من اللازم ؛ وبطيابته المفرطة تم خلعه بما يعنيه ذلك من تدمير للجيش والشرطة والقضاء والشعب؛ ولن تقوم لمصر قائمة بدون رئيس منتخب.

مرت الأيام؛ وخرج الملايين يرفعون صور مرسي في الشارع يقبلونها وهم يبكون كطفل يحتضن والدته المتوفاة ويتوسل إليها أن تعود إليه.
رأينا متظاهرين يرفعون صور مرسي بالساعات بلا كلل ولا ملل ؛ يهتفون باسمه؛ بل ذكر اسمه أمامهم يكفى كي تسيل الدموع من عيونهم؛ يشتاقون لرؤيته؛ يتحرقون للاطمئنان عليه وعلى صحته ؛ بلغ حب أنصاره له أكثر من حب عنترة لعبلة وقيس لليلى.

بل إن الشهداء تقدموا وواجهوا الجيش المصري الخاين خلال هجومه على رابعة العدوية ؛ وهم يرفعون سلاحين ؛ كتاب الله ؛ وصور الرئيس مرسي ؛ وهما سلاحان يقضان مضاجع الخونة في الجيش والشرطة.

بدأت أفهم عمق مقولة مرسي ( أريد أن أحكمكم بالحب)فمرسي الآن يسير المظاهرات ويحرك العالم بالحب فقط ؛ بلا اتصال ولا جيش ولا دبابات وطائرات.

حتى أن أكثر من شخصية من رعاع السيسي يخرجون في الإعلام قائلين؛ مرسي هو السبب فيما يحدث؛ مرسي السبب في خروج المظاهرات ؛ ويقولون لو أنه تنازل عن الحكم لتوقف كل شيء.

أدركت معنى مقولة مرسي ( أريد أن أحكمكم بالحب) وليس بالدبابات والمدافع والمذابح والجرائم وسفك الدماء ؛ كما يفعل المجرم السيسي.

بدأت أفكر أكثر ؛ وأتأمل أحوال مرسي ؛ وأقارن بين أسلوب حكمه بالحب ( الذي كنا نسميه ضعفا) وأسلوب السيسي فى الحكم بحرق معارضيه وهم أحياء ( وهو ما يسميه الرعاع : الحكم بالحزم)

فاكتشفت أن مرسي كان الأكثر ذكاء وبعدا للنظر ؛ ولم ينجرف وراء دعوات الكثيرين بأن يضرب بيد من حديد.

قارنت بين نتائج الحكم بالحب كما فعل مرسي؛ والحكم بالحديد والنار كما يفعل السيسي الخاين.

وجدت أن مرسي استطاع باتباع أسلوب الحكم بالحب أن يزيد الصادرات ١٧ بالمائة خلال عهده ؛ ويقلل الواردات ١١ بالمائة ؛ ويزيد السياحة ٢٥بالمائة ؛ ويزيد إنتاج القمح ؛ وينتج الحاسب اللوحي وموتور أول سيارة مصرية.

لم تجرؤ أي دولة أجنبية أن تتدخل في الشؤون الداخلية في عهده ؛ فلم يجرؤ أي مسؤول أجنبي أن يتحدث عن وساطة بين مرسي ومعارضيه.

قلت لنفسي لو كان مرسي سمع مطالبات البعض بأن يضرب بيد من حديد على معارضيه؛ كما يفعل السيسي الخاين؛ كان زمانه أدخلنا في حرب أهلية ودمر الاقتصاد والسياحة ؛ وانتشرت الفوضى كما يحدث الآن ؛ وهربت الاستثمارات الأجنبية كما تغلق الشركات العالمية في مصر الآن.

أدركت أن مرسي كان رجلا عبقريا؛ أبعدنا نظرا؛ وأرجحنا عقلا؛ وأهدأنا أعصابا؛ وقبل هذا كله الأسد الرابض الذي عجزت الدبابات والمدافع والطائرات أن تهز شعرة واحدة من رأسه؛ فتحداها بشجاعة منقطعة النظير.

لم تستطع الدبابات والمدافع والطائرات أن تهز شعرة من رأسه؛ تذكروا آخر خطاب له.. لم يتلعثم أو يتلجلج؛ ارتجل ساعة ونصف كاملة بلغة عربية فصحى؛ في تركيز شديد ؛ وذهن متيقظ ؛ لدرجة أنه رفع المفعول في إحدى الجمل؛ فأعاد الجملة من أولها ونصب المفعول.
أدهشني الموقف... يا ألله... الرجل ينتظر قتله في أي لحظة؛ تحاصره الدبابات والطائرات والمدافع؛ وقد يريق الخونة في الجيش دمه في أي وقت ؛ وبين كل هذه المخاطر؛ يتنبه أنه أخطأ في النحو؛ فيصحح الخطأ

كم كنت عبقريا يا مرسي؛ ولم نقدرك؛ وندرك قيمتك إلا بعد أن رأينا الحمقى والسفهاء يحكمون مصر.

سيدي الرئيس؛ يجب علينا أن نعتذر لك؛ لأنك أحسنت التقدير؛ وأسأنا نحن.

وإلى مقال آخر عن لماذا لم يخلع مرسي السيسي ويقتلع الفساد المتغلغل في الدولة ونفوس جزء من الشعب المصري