يمنح مشروع الدستور الجديد الذي أعلن عنه الرئيس التونسي قيس سعيد، صلاحيات واسعة له في ميادين شتّى، بحسب ما جاء في التفاصيل التي نشرها بنفسه.


وبحسب المسودة التي أعلن عنها سعيد، فإن أبرز ما جاء فيها، صلاحيات أقل للبرلمان التونسي عما كان عليه الوضع في دستور عام 2014، واحتكار لمعظم الصلاحيات بيد الرئيس، في تغيير لشكل النظام في البلاد، الذي كان برلمانيا رئاسيا.


احتكار الرئيس لمعظم السلطات


ووفق ما جاء في مسودة الدستور الجديد، فإنها تركز معظم السلطات السياسية في قبضة سعيد وتمنحه سلطة مطلقة على الحكومة والقضاء، ويسمح له بطرح مشاريع قوانين، وبأن يكون مسؤولا دون غيره عن اقتراح المعاهدات، ووضع ميزانيات الدولة.


وجاء فيها أن رئيس البلاد هو "القائد الأعلى للقوات المسلحة"، و"يضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية"، و"ينفذ القوانين ويمارس السلطة الترتيبية العامة"، و"يُسند، بإقتراح من رئيس الحكومة، الوظائف العليا المدنية والعسكرية".


ويتمتع كذلك رئيس البلاد بحق "عرض مشاريع القوانين" على البرلمان، الذي يتعين عليه أن يوليها "أولوية النظر" فيها على سائر مشاريع القوانين.


وفي الدستور الجديد، ستكون الحكومة مسؤولة أمام الرئيس، وليس البرلمان. لكن سيظل البرلمان قادرا على سحب الثقة من الحكومة بأغلبية الثلثين.


تقليص صلاحيات البرلمان


في المقابل، يقلّص مشروع الدستور الجديد إلى حدّ بعيد صلاحيات البرلمان الذي ستُستحدث فيه غرفة ثانية، هي "المجلس الوطني للجهات والأقاليم".


وكان البرلمان في السابق صاحب أكبر قدر من السلطة السياسية، إذ كان يضطلع بالدور الرئيسي في تعيين الحكومة وإقرار التشريعات.
 

كما سينشئ الدستور هيئة جديدة تسمى "المجلس الوطني للجهات والأقاليم"، ستكون بمنزلة غرفة ثانية للبرلمان. لكنه لا يذكر أي تفاصيل بخصوص كيفية انتخابها أو السلطات التي ستملكها.


وبحسب مسودة الدستور ذاتها، فإن سعيد سيواصل الحكم بمراسيم لحين تشكيل برلمان جديد من خلال انتخابات من المتوقع أن تُجرى في كانون الأول/ ديسمبر.


"رئيس للأبد"


وطبقا للمسودة أيضا، فإنه يمكن للرئيس حكم البلاد فترتين، مدة الواحدة منها خمسة أعوام، لكنه يملك حق تمديد فترة حكمه، "إذا استشعر خطرا يهدد البلاد".

 
بإمكانه حل البرلمان ولا عزل للرئيس


ومن بين أبرز ما جاء في المسودة أيضا، أنه سيكون لرئيس البلاد حق حل البرلمان.


في حين تخلو مسودة الدستور المقترح من أي فقرة تتيح عزل الرئيس.


وتعهد سعيد بصياغة قانون جديد للانتخابات، وعلى الرغم من أنه لم يُنشر حتى الآن، فإن سعيد أشار إلى أن الناخبين سيختارون مرشحين أفرادا فحسب، وليس كأعضاء في أحزاب سياسية.


منع الإضراب لهذه الأجهزة


ولن يملك القضاة والشرطة والجيش ومسؤولو الجمارك حق الإضراب. وكان القضاة قد نظموا إضرابا في الآونة الأخيرة على مدى أسابيع؛ احتجاجا على تحركات سعيد للحد من استقلال القضاء.


وتتّهم المعارضة ومنظمات حقوقية سعيّد بالسعي إلى إقرار دستور مفصّل على قياسه.


وسبق أن قال مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "اللجنة الدولية  للحقوقيين"، سعيد بن عربية، لوسائل إعلامية؛ إنّ مشروع الدستور هذا "يطيح بمبدأ الفصل بين السلطات".


وأكد كذلك أنه يؤسّس "لنظام رئاسي بلا ضوابط أو توازنات، مع رئيس مطلق الصلاحيات، وبرلمان عاجز، وقضاء مقلمة أظافره".


وسبق أن أدانت "جبهة الخلاص الوطني" بتونس -المشكلة من أحزاب وشخصيات وطنية ضد إجراءات الرئيس سعيد-، ما اعتبرته إصرار سعيد على الانفراد بالسلطة والقرار، وتجرأه على دستور 2014.


وكان أستاذ القانون الدستوري عبد الرزاق المختار، قال في تصريح سابق إن "الرئيس بهذا الشكل يجمع السلطة التنفيذية والتشريعية والتأسيسية، إذن؛ هو الناطق الرسمي باسم الشعب والرئيس المؤسس".


وأضاف: "أقول؛ إن الرئيس تحول إلى سلطان دستوري، وأظن أن هذا سيصنع جبهة جديدة ضد إجراءاته".


ونبه إلى أن "توجه الرئيس عبثي، لأنه في المراحل الاستثنائية لا يجوز أبدا وتحت أي عنوان كان الحديث عن وضع دستور جديد، فالفترة الاستثنائية لا تتحمل لا معنى ولا مبنى ولا دلالة أن يقوم الرئيس بوضع دستور جديد".
 

وأكد أن "دستور 2014 كان نتيجة تعبير مجتمعي له الشرعية والمشروعية الكاملة ولا يمكن بجرة قلم اعتباره غير صالح".


وسيجري الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في الذكرى السنوية الأولى للإجراءات الاستثنائية التي استحوذ بموجبها سعيّد على السلطات، واعتبرتها المعارضة انقلابا.