د. أحمد عبدالقادر :

روى البخاري من حديث عبد الله بن عمر قال :"كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة ليس ينادى لها فتكلموا يوما في ذلك فقال بعضهم اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى وقال بعضهم بل بوقا مثل قرن اليهود فقال عمر أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال قم فناد بالصلاة"


ما وراء النص:


1. "يجتمعون"
هذه أهم رسائل الحديث للمهاجرين "الاجتماع" وفيه ما يلي : *.فيه دليل فهم عميق وإحاطة شاملة ونظرة ثاقبة فبه لا بغيره تبقى اللحمة ، وتنعدم الوحدة ، وتهون الغربة ، ويقوى العود ، وتجتاز العوائق ، وتستكمل الذات ، ويرى المسير ، وتنهزم الفتنة ، وتقل الخطورة ، وترسخ الفكرة، وتثبت الهوية
*. وفيه حضور فقه الاجتماع. ترى على أي شيء يجتمعون أولا بعد قدومهم ؟
انه اجتماع الصلاة . فكيف بربك نحمد اجتماعا خلا من عبادة ، أو شغل عن فريضة ، أو اندثر في رواق ، أو تزاحمت عليه الأماكن ، أو كان دنيويا بحتا دون أن يلامس الدين ويبعد عن مواطن الرضا والتوفيق ، ولا يخالطه شياطين ، ولا تحضره المنازعات، أو نؤثر غيره وهو موطن الإجابات إنه
أول علامات الخيرية للأمة المهاجرة
مسجد فيه يجتمعون، وصلاة بشغف لها ينتظرون، وعبادة بجمع اركانهم وجنانهم يتفرغون، وقضية تزيد علاقتهم بخالقهم ينشغلون، فتجد البركات وتلمح التأييد وتدهش بالارزاق والفتوحات
٢." يتحينون "
تحمل مفاهيم تسطرها الكلمات
*. تعني فقه المعايشة عاشوا الصلاة وتوطنت قلوبهم ونزلت بالاركان منزلا لا يغالب عليه فلا تنتظرهم الصلاة بل ينتظرونها
*. تعني انشغالا بالأهم عن المهم ودارية حقيقة لفقه الأولويات ، ومعرفة واقعية لفقه البدايات " فالدين أولا قبل الدنيا"
*.تعني سرعة الاستجابة واتحاد الهم وواقعية الانشغال بقضايا المجموع على الفرد
*.تعني أن هذا اصل لا عارض ومستمر لا مؤقت فهم يلقون الله دائما جمعا لا فرادى وعزما لا فتورا واصلا لا عارضا
*. تعني اتحاد الغاية وسمو الهدف وتنافسا في بناء الدين قبل الدنيا
3. "فتكلموا"
الأصل الثالث للمهاجر والمغترب وفيها ما يلي.
*. تكلم وأعرض قضاياك وناقشها ، وأعرض اوضاعك، حسن أحوالك ،
*.تعني إلا تحجر على رأي، ولا تقلل من فكرة ، ولا تثني متكلما، ولا تسكت متحدثا، ولا تنزوي خجلا أو تواضعا
*. تعني تقديم القضايا العامة على الخاصة والنظر للمجموع قبل الفرد وسماع الجميع وطلب الرأي فربما يفتح الله على أحد دون غيره بما تكون سنة ليوم القيامة
*. فيه عدم وجود سقف للاجتهاد فالبيئة الجديدة تتطلب ذلك
والواقع يحتم المشاركة الجماعية ولربما من كان ساكتا في موطنه يصبح متحدثا باسم القوم لأن نبوغته ادخرت ليومه هذا
*. فيه اعمالا للشورى وانزلا للديمقراطية الحقيقة وحرية واضحة للتعبير .وسماعا وانصاتا ملموسا من القيادات ، واخذا بالرأي السديد
*. فيه مفهوم ورسوخ فهم بناء موطن جديد وصولا لنموذج رائع واندماج حقيقي ومكاسب عاجلة لن تخرج لو سكتنا
*.فيه احترام الجميع للجميع وتسليم الكل للمبادر وابرام الأمر للمتميز في الأداء ومحاولة حقيقة لافراز جديد للمواهب والتخصصات والقيادات . بين عبد الله بن زيد وبلال
*. فيه نقل للاجواء الرائعة التي تخرج من دوائر التنظير إلى الدوائر العملية دون تسويف وتفريغ للطاقات فيما لا يبقي عملا
اجتماع واحد بإخلاص اورث عملا إلى يوم القيامة