في العام 2010 وفي مثل هذا اليوم (31 مايو)، شنّت إسرائيل هجوماً على سفينة "مافي مرمرة"، ضمن أسطول مساعدات عُرف باسم "أسطول الحرية" أبحر بهدف كسر الحصار الذي فرضته تل أبيب على قطاع غزة براً وبحراً وجواً. وأدى الاعتداء الإسرائيلي الذي شنته قوات خاصة من البحرية على السفينة آنذاك، إلى مقتل 10 متضامنين أتراك وإصابة 56 آخرين.


وكانت "مافي مرمرة" أبحرت من مرفأ "لارنكا" القبرصي بعد رحلة طويلة واستعدادات دامت لعدة شهور، من قبل منظمات إغاثية دولية وتركية منها "هيئة الإغاثة الإنسانية" التركية (IHH)، وحملت على متنها 750 ناشطًا من 37 دولة معظمهم من تركيا، ومساعدات إنسانية للمحاصرين.


وما إن بدأت السفينة في الاقتراب من شواطئ غزة حتى قامت تلك القوات بفرض طوق عليها واقتحامها عسكرياً؛ ما أدى إلى مقتل 9 ناشطين أتراك، يومها، فيما توفي الناشط التركي العاشر "أوغور سليمان سويلماز"، متأثراً بجروحه في إحدى مستشفيات العاصمة أنقرة، يوم 23 مايو/أيار 2014، في حين تم اعتقال النشطاء الذين كانوا على متنها قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد يومين.


وبررت إسرائيل اقتحامها للسفينة، بأنها أبحرت دون الحصول على إذن رسمي، وأدت تلك الحادثة إلى توتر العلاقات بين أنقرة وتل أبيب.


وطالبت تركيا، إسرائيل بالاعتذار بشكل رسمي، وهو ما فعلته الأخيرة، وفي الوقت الحالي تشترط أنقرة لاستئناف العلاقات مع تل أبيب، بتقديم تعويضات لضحايا سفينة "مرمرة الزرقاء"، ورفع الحصار عن قطاع غزة.


ونُقل ملف الاعتداء على السفينة إلى المحافل القضائية الوطنية والدولية، في تركيا والولايات المتحدة وإسبانيا وبلجيكا وإيطاليا وغيرها من البلدان، كما تم نقل الملف على الصعيد الدولي إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية.


كما رُفعت دعوى قضائية ضد إسرائيل تتعلق بالاعتداء على "مافي مرمرة" في النيابة العامة بولاية إسطنبول يوم 28 مايو 2012، وضمت الدعوى المرفوعة قائمة بأسماء 490 شخصًا من 37 دولة.


وبالرغم من عدم وصول السفينة إلى شواطئ غزة، إلا أن الاحتجاجات الدولية التي أعقبت الحادثة، دفعت إسرائيل نحو التخفيف من حصارها الذي فرضته على القطاع براً وبحراً منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية، في يناير/كانون ثان 2006، وشددته منتصف يونيو 2007.


وقبل عام 2010، لم تكن إسرائيل تسمح سوى بدخول 10 شاحنات محملّة بالبضائع إلى قطاع غزة، عبر معبر "كرم أبو سالم"؛ المعبر الوحيد الذي اعتمدته بعد إغلاقها أربعة منافذ تجارية منتصف العام 2007، عقب تشديدها الحصار على القطاع.


غير أنه وبعد منتصف 2010 وعقب حادثة "مرمرة" سمحت إسرائيل بزيادة عدد الواردات لتصل 200- 300 شاحنة يومية، حسب اللجنة الرئاسية لتنسيق إدخال البضائع إلى قطاع غزة.


وعقب الحادثة أمر الرئيس المخلوع الأسبق محمد حسني مبارك بفتح معبر رفح البري الواصل مع بلاده، بعد إغلاقه لفترات طويلة امتدت لشهور.


وبحسب إحصائية لوزارة الداخلية، فإن العمل على معبر رفح بدأ في التحسن عام 2010 مقارنة بالأعوام التي سبقتها، إذ كان إجمالي العابرين الفلسطينيين حوالي 167 ألف في كلا الاتجاهين.


وكان العام الذي سبقه 2009 قد سجل سفر نحو 60 ألف مسافر (ذهاباً وإياباً).


وشهد عام 2011 أيضاً، حركة نشطة على المعبر إذ تم وفق وزارة الداخلية، سفر نحو 257 ألف فلسطيني في كلا الاتجاهين.


وفي الوقت الحالي، تغلق السلطات المصرية المعبر بشكل شبه كامل، منذ يوليو 2013 لدواع تصفها بـ"الأمنية"، وتفتحه على فترات متباعدة لسفر الحالات الإنسانية.


ويصف مراقبون حادثة "مافي مرمرة"، بأنها "نقطة التحول" التي أحدثت التغيير في سنوات الحصار الإسرائيلي.


ويقول رامي عبده رئيس المرصد الأورمتوسطي لحقوق الإنسان (منظمة أوروبية غير حكومية تتخذ من جنيف مقرا لها) إن "سفينة مرمرة استطاعت أن تكسر الحصار الإسرائيلي بالرغم من عدم وصولها إلى قطاع غزة".


ويضيف عبده في تصريح للأناضول أن "هذه السفينة كانت سبباً في إجبار إسرائيل، ودفعها للتخفيف من الحصار على غزة".

ويتابع "الدم التركي وما قدمه المتضامنون من تضحيات، أجبر المجتمع الدولي على اتخاذ مواقف أكثر جرأة، تطالب إسرائيل بالتخفيف عن معاناة قرابة مليوني فلسطيني يعيشون في أكبر سجن مفتوح في العالم".


ويؤكد عبده أن "مرمرة أعطت دفعة قوية للعالم بضرورة التضامن مع غزة، والعمل على كسر الحصار عنها عبر تسيير السفن البحرية إليها".


وكانت إسرائيل اعترضت يوم 29 يونيو 2015، سفينة "ماريان"، إحدى سفن "أسطول الحرية 3" القادمة إلى القطاع بهدف كسر الحصار، وعزت إيقاف السفينة بأن غزة لا تخضع لأي حصار.


ويرى عبده، أن غزة تحتاج إلى تأسيس مفاهيم جديدة للتضامن، والعمل على كسر الحصار القاسي المفروض عليها منذ أكثر من عشر سنوات، معتبراً أن السفينة التركية كانت "بداية هذه المفاهيم".


ويحيي الفلسطينيون بقطاع غزة في كل عام، الاعتداء الإسرائيلي على "مافي مرمرة" عبر إلقاء الزهور في البحر عرفاناً وتقديراً للمتضامنين الأتراك الذين ضحوا بأرواحهم لأجل إيصال صوت غزة إلى العالم.