د/ عبد الرحمن صبرى :

بين الحين والحين يخرج علينا الأستاذ إبراهيم منير بتصريح أو بيان أو حوار تثور حوله موجة من الجدل والخلاف والاعتراض من داخل الإخوان وليس من خارجهم –عن قصد أو غير قصد - وتتردد عبارات" القيادات التاريخية والانفصال عن الواقع والسعى للمصالحة والتساهل مع الحكام القتلة والشباب والشيوخ وغيرها .."

حيث يغلب على خطاب الأستاذ منير لطف العبارة والمبالغة فى التسامح ولغة السلام والمهادنة التى تستفز مشاعر الشباب الثائر وتجعل الدم يغلى فى عروقهم ويتحرك البعض دائما لإشعال الدم الفائر وتوظيفه للنيل من قيادات هذا الجيل كله ولما كنا قد تعلمنا من ديننا وأصولنا أن الحكم على الشيئ  فرع عن تصوره فأرى أنه علينا أن نحاول التعرف على الأستاذ منير وجيل 65ومايمثله تاريخه وحاضره وإننى أدعو هذا الجيل لينقلوا لنا تجربتهم ويشرحوا لنا مفاهيمهم حتى لانسيئ فهمهم .

الأستاذ إبراهيم منير هو أحد القيادات الهامة فى جماعة الإخوان المسلمين وهو واحد من جيل 65 – جيل التأسيس الثانى حقيقة لا ادعاءً - الذى حمل على عاتقه إعادة بناء الجماعة من جديد بعد أن تلقت ضربة هى الأعنف فى تاريخها على الإطلاق من وجهة نظرى – وإن ظن البعض أن الضربة الحالية أعنف – واستطاع هذا الجيل أن يتحرك على مدار 11سنة(1954 – 1965)  فى ظروف أمنية شديدة وتحت ضغط لا يتخيله أحد وبنى التنظيم من جديد وحافظ على ثوابت الدعوة ومبادئها وخاض صراعا مع أخطر وأعنف من حكم مصر ثم خرج بعد سنوات من المحنة والتعذيب واستطاع أن يعود إلى الساحة من جديد فجمع شتات الشباب – جيل أبوالفتوح والعريان – وضبط بوصلتهم وواصل العمل فى حقبة السادات ثم مبارك وقاد مرحلة النضال السياسى قرابة ثلاثة عقود ثم قاد الجماعة فى مرحلة الثورة حتى نالت ثقة الشعب فى كل الاستحقاقات الانتخابية ووصلت إلى رئاسة الجمهورية .

بالإضافة إلى أنه الجيل – ومعه الجيل السابق واللاحق بالطبع – الذى كان له الدور الأكبر لانتشار الدعوة والجماعة فى ربوع المعمورة كلها – وتلك خبرة أخرى .

ولاشك أن لهاتين التجربتين – إعادة البناء والانتشار الدولى-  انعكاسات على مفاهيم ومدركات وممارسات هذا الجيل الذى يمثله أغلب القيادات الحالية " المسماه بالتاريخية" ونحن فى حاجة شديدة إلى الحديث المستفيض معهم عن تجربتهم وتفاصيلها لأنها أشبه مايكون بما نعيشه الآن ومن استمع إلى حوار الأستاذ منير مع د عزام التميمى فى برنامج مراجعات سيلاحظ مدى التشابه بين الحقبتين وكأن التاريخ يعيد نفسه حرفيا.

من هنا أحاول دائماً أن أقرأ مايصدر عن الأستاذ منير بشكل مختلف ولا أدعى له العصمة أو أبرر له ولمساعديه، ولكنه الانصاف الذى علمنا إياه ديننا والثقة التى تربينا عليها فى جماعتنا

فالرجل - بحكم تجربته وحكم أن التاريخ يعيد نفسه  - يرى من مآلات الأمور ما لانراه وربما لن ندركه إلا بعد فوات الأوان ونقول يا ليتنا فعلنا كذا ولم نفعل كذا

والرجل بحكم إدارته للملف الدولى الذى يتعامل مع البشرية كلها بكل لغاتها وأديانها وأعرافها لاشك ينتهج خطابا متأثرا بهذه المساحة الواسعة ربما لا ندركه نحن فى هذه الرقعة الصغيرة من العالم وفى مثل هذا الظرف الصعب

ولكن لا أرى فى هذا مبررا للأستاذ منير أن يسبب لنا هذه البلبلة فنحن فى عصر السموات المفتوحة وكل كلمة يقولها تصل إلى الإخوان فى أنحاء المعمورة بلا استثناء فتلقى بظلالها فى كل مكان بما يعيشه أبناؤه

" فمثلا حين يخلع على حكام العرب المجتمعين فى رسالته الأخيرة صفات الجلالة والفخامة  وبينهم السيسى وبشار  فهو يستفز مشاعر المكلومين فى مصر وسوريا

وحين يطالبهم إجمالا بحق شعوبهم عليهم فهل يعترف بأنهم حكام ؟!  وهم فى الحقيقة مغتصبون قتلة"

وهل يليق أن يحدثهم بمنطق النصح والإرشاد ونحن نخوض ضدهم معركة الخلع والإبعاد

من هنا أطالب الأستاذ منير أن يرفق بنا فيما يصدره من رسائل وتصريحات وأن يعطينا بعض المفاتيح لنفك بها شفرة رسائله وليورث الجيل الحالى ما لديه من خبرات ورؤى فى إدارة الصراع وفى مخاطبة العالم  فنحن جيل لا يقبل الاتباع غير المشروط ويؤمن بأنه قادر على الفهم والاستيعاب ولايقبل من محدثه إلا احترام عقله ومشاعره  وهذا واجب المتحدث كما تعلمنا من حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم " خاطبوا الناس على قدر عقولهم أتريدون أن يكذب الله ورسوله " "أيما رجل حدث الناس حديثاً لم تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة"

ومن هذا المنطلق نقول للأستاذ منير وكل أساتذتنا من هذا الجيل الكريم وكل قادتنا الذين نحبهم كثيرا ونقدرهم أكثر

رفقاً بنا يا أستاذ منير .....أرجوك فهمنا

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه، ولايعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر