بقلم / محمد عبد الرحمن صادق :



- بداية لابد وأن أقر باحترامي لكل طالب علم يبغي بعلمه وجه الله عز وجل ونيته أن يكون لبنة صالحة في بناء قوي يستعصي على الباطل وحِيله ومكره وتدبيره .
- إن من آداب طالب العلم أن يكون مُتجرداً عن كل هوى ، مُتعففاً عن كل مغنم ، مُتبرأ من كل من يُحاد الله ورسوله كائناً من كان ولا يخاف في الله لومة لائم .
- إن ما شهدته الساحة هذه الأيام من تراشق إعلامي وتكذيب وتخوين ما هو إلا وسيلة للإلهاء عن الذكرى الثالثة لمجازر ( رابعة ، والنهضة ، ورمسيس ، ومسجد الفتح ، وسموحة .... وغيرهم في كل ميادين مصر ) ومحاولة لشق صف أنصار الشرعية وإلهائهم في مهاترات وجدال عقيم يفرق ولا يجمع ويؤخر ولا يجمع ، وإلا لماذا هذا التوقيت بالذات وخاصة أن الشرارة الأولى كانت بالمقال الذي نشرته جريدة الوطن والذي قال عنه صاحبه ( الشيخ )  محمد حسان أنه تم في رمضان الماضي وأنه يقر بكل ما فيه جُملة وتفصيلاً .
- من هنا لابد وأن أنبه على عدة نقاط أساسية بعيداً عن التفاصيل والحقائق التي خاض فيها أربابها وأطرافها ومن هم شهود عليها .
أولا : عالم الدين يُعرف بمواقفه قبل أن يُعرف بكلامه ولنا الأسوة الحسنة في سلفنا الصالح ومن تبعهم إلى يومنا هذا . فمن يأتي لي بموقف واحد يقول فيه أن ( الشيخ ) محمد حسان قد نصر الحق ودافع عن حياضه يوماً ؟ بداية من تخذيله لثوار التحرير مروراً بمهاجمته الرئيس الشرعي قائلاً : " لن ينصرك الله " . انتهاءً بتخذيله الثوار الآن وجرهم لمهاترات تستنفذ طاقتهم وتشق صفهم ؟
ثانياً : لقد صمت ( الشيخ ) محمد حسان دهراً ثم خرج من أجل أن يرد عن نفسه ويبريء ساحته ويبحث عن مخرج لأولياء نعمته ، ولم نره يوما قد خرج لأن هناك حُرمة من حُرمات الله قد انتهكت وكثيراً ما حدث ذلك قولاً وفعلاً وتلميحاً وتصريحاً . وأنه بخروجه هذا قد شق صفاً وسبب خلافات كثيرة بين أنصار الشرعية الذين منهم محبين له وتلاميذ وإنه  ومن اختار هذا التوقيت لظهوره يدركون ذلك جيداً .
ثالثاً : خرج ( الشيخ ) محمد حسان مُتعللاً بالتضييق عليه ومنع قناته من البث المباشر وغير ذلك ونسي أو تناسى أن الجهر بالحق لا يحتاج مكاناً مُكيفاً خلف الميكروفون بل يبدأ بالجهر بالحق إلى ما شاء الله تعالى من الوسائل التي يُقرها الشرع حتى ينتهي بكلمة الحق في وجه سلطان جائر مهما كلفته هذه الكلمة من تبعات ولنا المثل فيما فعله الدكتور محمود شعبان والشيخ حازم أبو إسماعيل وغيرهم الذين نحسبهم على خير ولا نزكي على الله أحداً .
رابعاً : لقد برر الصمت درءاً للفتنة وهذا الكلام لو قبل في حق الأفراد لا يُقبل في حق من تصدروا المشهد بالحديث حيناً من الدهر حتى إذا حمي الوطيس ولوا مُدبرين . فمن أين جاء    ( الشيخ ) بهذا الفهم ؟ إنه بهذا الفهم المعوج قد سن سُنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة . 
خامساً : عندما نرى الأبواق الإعلامية - التي نوقن بفسادها وسوء نواياها - تصفق لشخص وتفسح له مساحات لا بأس بها فلابد وأن نتوجس في الأمر ويدخل في قلوبنا الشك والريبة ..... الخ . وذلك لأن من يريد أن ينجوا بدينه وبنفسه فعليه أن يقف في الخندق الذي تخرج منه قذائف الحق وليس في خندق سحرة فرعون وأبواق الباطل .
- روى معمر في جامعه والخطابي في العزلة والبيهقي عن ابن مسعود قال : " إن على أبواب السلطان فتنا كمبارك الإبل، لا تصيبوا من دنياهم شيئاً إلا أصابوا من دينكم مثله " .
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيت العالم يخالط السلطان مخالطة كثيرة فاعلم أنه لص " ( أخرج الديلمي ) .
- أخرج أحمد، والبزار، وابن حبان، في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " سيكون أمراء، من دخل عليهم وأعانهم على ظلمهم، وصدقهم بكذبهم، فليس مني ولست منه، ولن يرد علي الحوض . ومن لم يدخل عليهم، ولم يعنهم على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم فهو مني وأنا منه وسيرد علي الحوض " .
سادساً : يخرج علينا ( الشيخ ) محمد حسان من الحين للآخر مُهددا ومُتوعداً بقوله : " لو تكلمت لأوجعت " . ونحن نقول له بل تكلم فإن المصيبة في عدم الكلام .
- تكلم كلمة حق تشفع لك أما الله عز وجل .
- تكلم كلمة حق يذكرك بها التاريخ .
- تكلم كلمة تؤثر عنك وتتناقلها الأجيال فتكون لهم زاداً وفقهاً في التعامل مع الظالمين .
أما الوجع الذي يتحدث عنه ( الشيخ ) محمد حسان فقد حدث لا محالة .
- حدث حين افتقده أهل الحق وهم يقارعون الباطل ويواجهونه وهم قلة .
- حدث حين كان أهل الحق ينزفون دماً و( الشيخ ) محمد حسان يتحدث عن دم الحيض والنفاس .
- حدث عندما كان أهل الحق يذرفون الدموع في الساحات والميادين وهو يذرفها في الغرف المُكيفة خلف الميكروفون .
سابعاً : لقد نهانا الدين عن تقديس الأشخاص فـ ( الشيخ ) محمد حسان قد تمعر وجهه وانتفخت أوداجه لنفسه وليس للدين وهذا يُحسب عليه ولم ولن يُحسب له . وكذلك يُحسب على كل من تشيعوا لشخصه وانبرت أقلامهم للدفاع عن شخصه ناسين أو متناسين مواقفه وتخاذله وتخذيله . لقد نسي (الشيخ) محمد حسان أو تناسى أن الله تعالى قد عاتب نبيه صلى الله عليه وسلم من فوق سبع سماوات بقرآن يتعبد بتلاوته إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها .
ثامناً : لابد قبل أن أنهي هذا الكلام أن أنبه إلى قوله تعالى : " وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {25}‏ " (الأنفال 25) .
- كما أنبه إلى قوله تعالى : " وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ {113} " ( هود 113 ) .
- وأنبه إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، فأقضي له بنحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار " ( متفق عليه ) .
- وكذلك أنبه على الرجوع إلى فقه مروءة الرجال ، وفقه أخلاق العلماء ، وفقه واجب الوقت ، وفقه الأولويات ، حتى لا نكون كالأيتام على مائدة اللئام أو كالأغنام في الليلة الشاتية .
- حقيقة إن الجعبة بها الكثير والكثير ولكن كما قلت فإن هذه مجرد رؤوس أقلام أما التفاصيل فلها أربابها التي عاشوها وقاسوا ويلاتها  .
اللهم ثبتنا على الحق وثبت الحق بنا .... اللهم استعملنا ولا تستبدلنا .

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر