بقلم : إسماعيل إبراهيم
 
بعد استمرار المقاومة المسلحة للنظام، أو بالأحرى مقاومة الاحتلال الإيراني الشيعي، للوطن السوري السني ، لمدة تزيد على أربع سنوات، وقتل أكثر من (300) ألف شخص، وتشريد أكثر من عشرة ملايين إنسان، فضلا عن مئات الآلاف من المفقودين والمصابين، لم ير الباقون من أهل سوريا إلا الهروب إلى أوربا –التي دخلها آباؤهم وأجدادهم فاتحين من قبل-  بعد أن أغلقت الدول العربية أبوابها في وجوههم، أو فتوحوها مصحوبة بالمن والأذى وتردي الخدمات وسوء الأوضاع ، مع أن  من هذه الدول العربية من يساعد بشارًا المجرم، إن لم يكن بالتأييد، فبالسكوت المخزي على جرائمه.
وقد شهدنا جميعا كثيرًا من مآسي هؤلاء اللاجئين الفارين من القتل بالقنص من الشبيحة وجنود النظام، أو تحت أنقاض البيوت بعد ضربها بالبراميل المتفجرة على شاشات التليفزيون، وتنامت إلى أسماعنا قصصهم، كيف حشروا في المراكب حشرا، ومنهم من مات اختناقا، ومنهم من سبح عدة ساعات ليصل إلى ما يظنه شاطئ النجاة، ومنهم من سبحت بوليدها الصغير حتى إذا وصلت للشاطئ وجدته قد فارق الحياة، وغيرها من قصص الغرقى في البحر أو المقتولين على الحدود بين الدول، وهي قصص يشيب لها الولدان، وما الطفل إيلان كردي وأخويه وأمه عنا ببعيد!
وبعد أن يصل السوري إلى الشاطئ الأوربي الموعود تبدأ رحلة أخرى من المعاناة! وهي البحث عن دولة تقبلهم لاجئين، فتبدأ المطاردات على الحدود، ومساومة سماسرة التهريب، والتكديس في الشاحنات، كما تكدس لا أقول الحيوانات بل البضائع والسلع.
أنا على يقين أن كثيرا ممن نجا من هؤلاء بعد هذه الأهوال يحتاجون إلى تأهيل نفسي! حتى يستطيع أحدهم أن يمارس حياته بشكل طبيعي. وأن كثيرًا منهم قد فقد الإحساس بالانتماء إلى العروبة والوطن، وأظنه محق في ذلك.
وأحب أن أهدي لحكام الدول العربية: أن الشعب النيوزلاندي هناك في أقصى جنوب الكرة الأرضية أعلن عن استعداده لاستضافة عشرة آلاف من الشعب السوري، فيا حكام العرب، أين نخوة العربي ونجدته؟! 
أصبح السوري يعيش مطاردًا مغضوبًا عليه، متهمًا بتهم باطلة، في بعض الدول العربية من الحكومات ومن الإعلام، وحتى من آوتهم في خيام مثل : عرسال في لبنان وفي مخيم الزعتري في الأردن مات بعضهم نتيجة الثلوج والشتاء القاسي أو العواصف التي اقتلعت خيامهم. 
وتدعي بعض الحكومات أن اللاجئين عبء على الموارد الاقتصادية للدولة– بحسب وجهة نظر بعض الحكومات– مع العلم أن الشعب السوري شعب من ذوي الكفاءات العلمية والمهنية، وقد وجدنا نماذج منهم استطاعوا أن يؤسسوا مشاريع تجارية ناجحة، ووجدنا منهم من يعمل أعمالا بسيطة لكي لا يمد يديه.
صحيح أن هناك بعض الدول العربية أنفقت على السوريين ملايين الدوﻻرات؛ لكن المواطن لم يصله -إن وصله- إﻻ مساعدات غذائية، بينما في الغرب وجد السكن والإقامة، والفرصة للدراسة والعمل، مع الاستقرار المالي.
ونجد من الحكام العرب، من يريد أن يبقي بشارا في الحكم، ويمده بالسلاح، ويرفض إقامة منطقة آمنه في سوريا، مثل المجرم السيسي بدعم مادي مباشر من الروس، وبدعم معنوي من الحكومات الأمريكية والأوربية.
وأختم فأقول: لا أنادي في العرب الفريضة الإسلامية الواجبة في القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، لنصرة ونجدة أهل سوريا، بل أنادي فيهم نخوة الجاهلية الأولى ونجدتها فقد شعَر نفر من ذوي القلوب النبيلة، ومن ذوي المروءة والفتوّة، أن المستَضعَفين يُجار عليهم في الحَرَم وتُغصَب حقوقهم، فتجمعوا وقرروا أن يُغيثوا الملهوف، ويَبقَوْا إلى جانبه حتى يَرضَى، فتحالفوا حِلف الفُضول في دار عبد الله بن جُدعان. وقد أثنى رسول صلى الله عليه وسلم على حلف الفضول، فقال: "لقد شهدتُ مع عمومتي في دار عبد الله بن جدعان حِلْفًا ما أحبُّ أن لي به حُمْر النَّعَم، ولو دُعيتُ به في الإسلام لأجبت".
لن أطالبهم أن يكونوا جادين في إزاحة بشار ونصرة الشعب السوري المدافع عن الأمة ضد التمدد الشيعي، والمقاتل عن حريته وكرامته، ضد ميليشيات بشار وشبيحته، ومقاتلي حزب الله، والحرس الثوري الإيراني، فأنا أعلم أن "ماما أمريكا" لم ترض ولن ترضى بذلك، ولكن أطالبهم حكاما وشعوبا أن نتعاون جميعا من أجل إيواء هؤلاء المشردين، وتوفير حياة كريمة لهم.
وليعلم الجميع أن انتقام الله إن تخاذلنا عن هؤلاء المشردين آت لا محالة، ليس من المجرمين فقط، ولكن ممن سكت ولم ينكر، ولو بلسانه، مهما طال الزمن {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.