احمد المحمدي المغاوري
 
تعرفون قصة السلطان والقعيد.ملخصها أن سلطان كان يركب خيله فسقط منه لجام فرسه فأمر قعيدا مبتور الأرجل أن يأتي باللجام فلم يستطع القعيد فنزل السلطان وبدلا من أن يأخذ اللجام ويرأف بالقعيد نزل علية ضربا لأنه لم يلبي رغبته ،سبحان الله.هذه الحكاية وجدتُ في ثناياها خير إجابة شافية ووافية لمن يسأل لماذا خُلقت النار(للكافر وللمجرم )يقول أبي عبد الله الحجازي الشافعي في بداية كتابة (المجرمون في القرآن الكريم) .لقد شد انتباهي هذا الاسم "المجرم" كلما قرأت كتاب الله فقررت أن أبحث عن معناه وعن صفة أهله ومن هم وما جزائهم فكان هذا البحث(المجرم في القرآن الكريم ) ا.هـ
-وكان كمال علم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قوله من لم يعرف الجاهلية وحكمها: وهو كل ما خالف ما جاء به الرسول (صلي الله عليه وسلم ) فإنه في الجاهلية فكان يقول رضي الله عنه: (إنما تنقضي عرى الإسلام عروة عروة، إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية) رواه أحمد. فمن لم يعرف (سبيل المجرمين) ولم تستبين له، أوشك أن يظن في بعض سبيلهم أنها من سبيل المؤمنين.لذلك قال تعالى(وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) الإنعام 55.
إن معرفة سبيل المجرمين أوصافهم، طرقهم، أفعالهم ،مآلهم، وكان من أهداف التفصيل القرآني بيان ذلك قال تعالي (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)فالمؤمن الكيس لابد أن يعرف عدوة المجرم وأن يعرف كيف يتعامل معه وأن يعرف الشر وخطواته وأصحابه لكي لا يقع فيه. قال تعالى( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) القلم .وقال تعالى" يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ﴿٤١ الرحمن﴾ وفي الحديث عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : "كَانُ الناس يَسْأَلُونَ عَنِ الْخَيْرِ ، وَكُنْتُ أَسْأَلُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي"
- لقد سأل القعيد لماذا خلق الله النار ولما نام  ورأى ما حدث له من السلطان أفاق منتفضا يقول اصطلحت مع الله علم لمن خلقت النار.لقد خلق الله النار لكل جلادٍ موسيقاه المفضلة صراخ المعذبين، ونشوته في قهر الأحرار،واستحياء نسائهم ؟ ومحاولة إذلالهم وكسر كبريائهم ولكن هيهات هيهات.لأجل لكلمه حق قالوها ربنا الله!! فلأجل كلمة الحرية والعيش بكرامة.
- حديث نسمعه ونقرأه، ولكن في الغالب الأعم لا نهتم إلا أحد شقيه ، وإحدى جملتيه ، وهي جملة النساء الكاسيات العاريات .ونترك ما هو مهم فيه وهو لا يقل أهمية عن شقه الآخر المجرم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ ، مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا "[ رواه مسلم ]
- نعم خُلقت النار لوحش كانت أحلى لحظاته أن يكسر عظم رجل مقيد،أو يغتصب رجولته ويزل أسرته؟!ويصعقه بالكهرباء في مكان عفته أو يكتم أنفاسه بالماء كل ذلك حفاظا على عرشه الذي سرقة.خلقت لهؤلاء(البشر الذين هم من نوع البهائم المفترسة بل هم أضل  تجدهم يتلذذون بالحرق والجلد والصعق والنفخ. أما (البررة الأحرار) فهم يتلذذون بالعفو والصفح والحلم .فشتان بين النور والظلماء.وفيم العجب يا أستاذة, ألم يصف الله سبحانه وتعالى بعض البشر بأنهم أضل من البهائم?! من"اؤلاهم لأخراهم" من الفرعون إلى جنوده"إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاسرين"من أمثال هذه الوحوش الآدمية المفترسة السيسي وبشار وغيرهم وجنودهم أيضا من يقتلون الأبرياء الأحرار بدم بارد فكلهم أداة لنظام عالمي وضيع أخرس وهم يده الباطشة القاتلة التي يفترسون بها ضحاياهم. هؤلاء البهائم يعتبرون أنفسهم  دائما هم الدستور وهم القانون وهم الآمرين والناهين لكل كبيرة وصغيرة. كانوا وما زالوا يقولون مقولة فرعون (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) فكل جرائم هؤلاء الوحوش وجنودهم الذين تربوا في حظائرهم سوف تُعلق في رقبتهم مع هؤلاء الفراعنة يوم القيامة. ذلك حين اسودت قلوبهم  وقست فهي كالحجارة أو اشد قسوة بل ربما نظلم الحجارة حينما نشبه قلوب هؤلاء المجرمين الطغاة في الأرض الأمرين بالمنكر الناهين عن المعروف في قسوتها بالحجارة و نحن نقرأ في سورة  البقرة (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة.) لكنَّ من الحجارة ما يتفجر منه الأنهار ومنها ما يشقق منه الماء ومنها ما يهبط من خشيه الله فلا نظلمها بأن نشبهها بمثل قلوب هؤلاء السفلة، ففي الحجارة النفع، آه ثم آه! من هؤلاء الذين لا يرقبون في المؤمنين إلاً ولا ذمه ولا يراعون حرمة النفس التي حرمها الله إلا بالحق. ويتمعنون في محاولة تركيعها ومن ثم قتلها.والغريب أننا نسمع منهم مبررات تافه كمحاربه للإرهاب والقاعدة وهناك أجندات خارجية وبعضهم يقول مبررا أفعاله حفاظا علي الاستقرار والذي لم يكن ولم يعد موجود أصلا ولكن المقصود هو استقرار الكرسي  كما ردد قوم فرعون وطبلوا له " أتذرُ موسى وقومه ليُفسدوا في الأرض ويذَركَ وءالهتك" الأعراف!!.كلام معسول ملطخ بدماء الأبرياء والشرفاء الباحثين عن الحرية والحياة الكريمة  وهكذا قال تعالي عنهم (ومن الناس من يُعجبك قوله في الحياة الدنيا ويُشهد الله علي ما في قلبه وهو ألدُّ الخصام وإذا تولي سعي في الأرض ليفسد فيها ويُهلك الحرث والنَّسل والله لا يُحب الفساد)
- ومازالت تتكرر قصه السلطان والقعيد في عالمنا العربي.وسبحان من خلق الجنة والنار وكما أن للنار خلق صغار مجرمون فإن للجنة كبار بذلوا وضحوا خالدون بذكراهم  فهل يستون؟! أبدا "لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة .أصحاب الجنة هم الفائزون". (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا). وللحديث بقية عن المجرمين نسأل كما سأل القرآن ما سلكهم في سقر؟.