بقلم - السعيد الخميسي
 
 دعاة وعلماء ومشايخ على أبواب جهنم ..!؟
 
* روى البخاري فى " صحيحة " بسنده إلى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال " كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني , فقلت يارسول الله " كنا فى جاهلية وشر فأتانا الله بهذا الخير , فهل بعد هذا الخير من شر..؟ قال صلى الله عليه وسلم : نعم وفيه دخن . قال :وما دخنه..؟ قال : قوم يهدون بغير هدى تعرف منهم وتنكر . قال : وهل بعد هذا الخير من شر ..؟ قال " نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها . قال : صفهم لنا يارسول الله , قال "هم من جلدتنا ويتكلمون بألسننا " * واللافت فى هذا الحديث أن هولاء العلماء هم من جلدتنا ويتكلمون بالستنا حتى يقطع الشك باليقين . لأنه ربما يظن أحد أنهم جاءوا إلينا من خارج ثقافتنا ومن خارج تربتنا ولا يتكلمون بلغتنا . بل إنهم مفوهون ومتخصصون فى علوم التفسير والحديث والفقه المقارن ولم يأتوا لنا من أمريكا وأوربا لكنهم عرب ومسلمون . لكنهم دعاة الفتنة والضلال . علماء المناصب والمكاسب والشو الاعلامى ولو على حساب دماء وجماجم وأعراض المسلمين . علماء الفتاوى الجاهزة المفصلة تفصيلا على مقاس المستبدين حتى تناسب جرائمهم فى حق الدين والوطن والشعب
*  إن من البلايا وأعظم الرزايا أن تصاب الأمة فى علمائها ودعاتها ومشايخها فتراهم ينتفضون لمناصرة طاغية أو حاكم ظالم ويلوون له عنق النصوص الدينية حتى تتماشى مع هواه ونفسه الأمارة بالسوء  . وفى نفس الوقت ترى دماء المسلمين تراق فى الداخل والخارج , والحرمات تنتهك والأعراض يعتدى عليها ولا يحركون ساكنا ولا ينكرون منكرا ولا يأمرون بمعروف . بل إن احدهم يحرض السلطة الحاكمة بقوله " اضرب فى المليان " ولايدرى بقوله هذا أنه مشارك بالقول والتحريض فى إهدار دماء الأبرياء . وآخر يدعى ظلما وزروا أن  صاحبيه هما من رسل الله , وهذا محض افتراء لايجوز أن تخرج تلك الكلمات من أستاذ فى جامعة الأزهر يتتلمذ ألاف الطلاب على يديه . فان كان هذا هو عقل الأستاذ والعالم , فما بالكم بعقل من يتعلم ويتتلمذ على يديه..؟ إن العلماء هم ملح البلد , فمن يصلح الملح إذا الملح فسد..!؟.
 
 * لقد ذهب أحد علماء السوء والضلال والتضليل والفتنة الذي يعف التاريخ عن ذكر اسمه إلى الشهيد سيد قطب رحمه الله قبل أن يتم تنفيذ حكم الإعدام فيه بأوامر من طاغية كل العصور وقال له " ياسيد : قل : لاإله إلا الله . فقال له رحمه الله قولا بليغا يكتب بماء الذهب قال : أما أنا فأموت من أجلها , أما أنت فتأكل بها..! " لقد ذهب هذا الشيخ إلى حيث ذهب ولم يعرف التاريخ اسمه لأن اسمه لايشرف صفحات التاريخ , لقد عاش نكرة هو وغيره ومات أيضا نكرة لايعرفه أحد من العالمين . أما الشهيد الذي ارتقى إلى ربه فهو ملء السمع والبصر يعرفه كل من السموات والأرض بجهاده وثباته ومواقفه التي لاتقبل القسمة على اثنين أو ثلاثة.
 
  * ولا تنسى صفحات التاريخ المضيئة ذلكم العالم الفذ الكبير الملقب بسلطان العلماء" العز بن عبد السلام"  عندما استشاره السلطان وجنوده بعد أن اجتاح التتار العراق وصارت مصر على وشك السقوط  , واستسلم علماء السوء والاستسلام للتتار وقالوا لاطاقة لنا اليوم بهم , إلا أن سلطان العلماء هو الذي حرض المصريين على قتال التتار فى موقعة "عين جالوت" وهزموهم شر هزيمة . فهل التاريخ يذكر أسماء هولاء الخونة من العلماء أم يذكر العز بن عبد السلام..؟ ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل قال له السلطان  قبل المعركة: إن المال في خزانتي قليل وأنا أريد أن أقترض من التجار، فقال الشيخ عز الدين: إذا أحضرت ما عندك وعند حريمك، وأحضر الأمراء ما عندهم من الحلي الحرام وضربته سكة ونقدًا، وفرقته في الجيش، ولم يقم بكفايتهم ذلك الوقت اطلب القرض، وأما قبل ذلك فلا .
 
 * وكان في مجلس السلطان كبار العلماء والفقهاء والقضاة، فكان الرأي ما ذهب إليه العز بن عبد السلام حيث قال: (إنه إذا طرق العدو بلاد الإسلام وجب على الإمام قتالهم، وجاز لكم أن تأخذوا من الرعية ما تستعينون به على جهادكم بشرط ألا يبقى في بيت المال شيء، وتبيعوا مالكم من الحوائص المذهبة، والآلات النفيسة، ويقتصر كل الجند على مركوب وسلاحه ويتساووا هم والعامة، وأما أخذ الأموال من العامة مع بقائه في أيدي الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا) وكانت النتيجة باهرة، حيث نفذ الملك والأمراء والجند فتوى العز وامتثلوا أمره، فقد أحضر الأمراء كافة ما يملكون من مال وحلي نسائهم، وأقسم كل واحد منهم أنه لا يملك شيئًا في الباطن، ولما جمعت هذه الأموال وضربت سكت ونقدًا وأنفقت في تجهيز الجيش، ولم تكفِ هذه الأموال نفقة الجيش أخذ السلطان قطز دينارًا واحدًا من كل رجل قادر في مصر، فجمع بذلك الأسلوب الفريد المال الحلال الذي لا ظلم ولا عدوان فيه، ومع الاستعداد النفسي الذي قام به العـز وإخوانه من العلماء تنزَّل نصر الله على عباده المؤمنين، وهزم الله التتار في عين جالوت .
 
* إن تعجب فعجب شأن بعض علماء السلطان , علماء الفتنة والضلال الذين إن سقطت شعرة من لحية أحدهم فى المياه وهو يتوضأ عن طريق الخطأ , تراه غاضبا مستنكرا  ,  ولاتراه مستنكرا و غاضبا إذا سقطت دولا عربية وإسلامية تحت الاحتلال الصهيو امريكى . تنتهك الأعراض فلا يتكلمون . تقتحم البيوت فيصمتون. تنتهك أعراض البنات والنساء فلا يتلفظون ببنت شفة . تقوم أمريكا بقتل 2 مليون عراقي مسلم فى حرب بوش الأخيرة فلا يسمعون , يقوم جزار صربيا بوضع أطفال المسلمين فى خلاطات الاسمنت ليفرمها ويصدرها لحم تونة إلى بلاد المسلمين ليأكلوا لحوم أطفالهم فلا يغضبون . يقتل آلاف المصريين فى رابعة والنهضة فى ساعات معدودة ولا ينتفضون ولا يستنكرون . إنهم يتحركون فقط ويستدعون مخزونهم من الفكر الساقط البليد الذي انتهت صلاحيته إذا استدعاهم الظالم فى أى زمان ومكان ليحلوا له ماحرم الله تعالى . يحرفون الكلم عن مواضعه ولا يراعون لشرع لله حرمة ولا دينه قدسية ولا لرسوله تقديرا واحتراما لأنهم أبواق مأجورة لكل نظام مستبد .
 
* يقول العلامة الكبير الشيخ محمد الغزالي فى كتابه "هموم داعية" : والغريب أن الجهود مبذولة لمطاردة الدعاة الصادقين من العلماء الاصلاء والفقهاء الحكماء للقضاء عليهم , وترك المجال للبوم والغربان من الأميين والجهلة والسطحيين يتصدون للدعوة ويتحدثون باسم الإسلام . وراء ذلك مخطط استعماري مدروس بدهاء تنفذه الحكومات المدنية بدقة حتى لايبقى للإسلام لسان صدق وحتى تبقى العقول المختلة هي التي تحتكر الحديث عن هذا الدين المظلوم " صدق الشيخ الغزالي حين وصفهم بالبوم والغربان والعقول المختلة لأنه ليس هناك بوما وغربانا أسود ولا أحقر من ذلك , كما أنه ليس هناك عقولا مختلة ومعتلة أشد من ذلك . إنهم دعاة ومشايخ وعلماء على أبواب جهنم من أجابهم قذفوها فيها كما قال صلى الله عليه وسلم . طهر الله منهم البلاد وأراح منهم العباد .