بقلم - شرين عرفة :

علم الجميع يقينا ، أن الأحداث والتحركات في مصر منذ الخامس والعشرين من يناير 2011 وإلى الآن كان وقودها ومشعل فتيلها دوما هم الطلاب ، طلاب المدارس والجامعات ،
وهكذا هي الثورات في كل بلدان العالم ، فالطلبة يتميزون عن باقي الفئات الأخرى بالمجتمع، بأهم ميزتين على الإطلاق وهما : العلم والشباب .

ولم يعد طلاب اليوم كطلاب الأمس ، لقد أصبح لدينا جيلا يتنفس الحرية ويضحي من أجلها بالدماء ،جيل كبرته الأحداث وصنعت منهم أبطالا سيقف التاريخ طويلا أمام بطولاتهم .

والجنرال الذي لم يكبر بعد ، وأعلن ذلك على الملأ ، و قال نصا في جريدة " المصري اليوم "  25 سبتمبر : تحت عنوان " السيسي يرد على أردوغان : حينما أكبر سأضربكم "
يؤكد الجنرال لبعثة الإعلاميين في نيويورك أنه لن يرد على إساءات أردوغان، و سيقول له كما كان يقول للأطفال وهم يضربونه في صغره : حينما أكبر سأضربكم )

ويبدو أن الجنرال لم يكبر بعد حتى يرد على أردوغان !!

* يتحمل الطالب المصري أسوأ أوضاع تعليمية بالعالم ،فمصر تحتل المركز الأخير بلا منازع في تقرير التنافسية لعام 2013 _ 2014 في جودة التعليم الأساسي، كما تحتل المركز 118  في التعليم العالي والتدريب  ،

وخرجت التقارير الصحفية جميعها في أوائل شهر سبتمبر هذا العام تتحدث عن عدم جاهزية نصف مدارس مصر للعام الدراسي الجديد ، والأوضاع الكارثية في بعض المدارس .

*بعقلية الطفل يتصور الجنرال السيسي أن طلاب مصر كالدمى يستطيع أن يلهو بهم ، او يسخر من عقولهم ،

ويتحدث كتاب التاريخ للثانوية العامة بعد تعديله من قبل أحد كهنة الفرعون عن أحداث الثلاثين من يونيو و يذكر نتائجها كالتالي :

1- عزل محمد مرسي، وتعطيل دستور 2012 الذي صدر لصالح جماعة الإخوان.
2- تسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية، وتنفيذ خارطة الطريق.
3- فض اعتصامي رابعة والنهضة.

كما يتناول المنهج أيضا الانتخابات الرئاسية التي أعقبت 30 يونيه

ووصف الكتاب ما حدث بأنه صفحة جديدة أعقبت ثورتين، ووضع مصر على الطريق الصحيح وتحقيق الديمقراطية، وتغليب مصالح الشعب، وتحقيق التقدم والنماء والرفاهية

أما الأسئلة الموضوعة على «الدرس» فكانت أكثر سذاجة و تزييفا لحقائق التاريخ حيث حملت سؤالا يقول :

《دلل على صحة العبارة الآتية : تعددت مساويء حكم الإخوان المسلمين لمصر 》

فالحمقى مزوري التاريخ قد حكموا مسبقا على حكم الإخوان المسلمين بالسوء ، ويطلبون من الطلبة الذين شهدوا انعم فترة من فترات الحرية والديمقراطية في عهد الرئيس محمد مرسي ، بينما سجنوا وسحلوا وقتلوا بسبب حملهم لمسطرة أو بالون عليها شعار رابعة في عهد السيسي ، مطلوب منهم أن يدللوا على صحة العبارة .

وسؤال آخر يقول : 《 ما رأيك في خارطة الطريق بعد 30 يونيه؟ وما نفذ منها؟ 》

مما يجعلنا نتساءل: كيف سيتم التعامل مع رأي الطالب إذا كان ضد خارطة الطريق أو ما تم منها ، أو رافضا لمذابح فض اعتصامي «رابعة» و«النهضة» ؟!
وما هو شعور الطالب الذي يجبر على دراسة تلك الترهات ، وهو الذي ذاق مرارة اليتم وفقد أحد ابويه أو كليهما او شهد فقد أحد إخوته أو أقاربه أو واحد من جيرانه او أصدقائه بعد إستشهادهم في واحدة من مذابح الإنقلاب العسكري بعد الثالث من يوليو .


الطالب الذي لا يستطيع المذاكرة ليلا بسبب قطع الكهرباء ، وجاء للمدرسة مشيا على الاقدام بسبب ضيق الأحوال المعيشية ، و تعرض للتعذيب والإهانة عشرات المرات في كل كمين للجيش والشرطة طوال طريقه للمدرسة ، ثم جلس على مقعد مهتريء في فصل متسخ داخل مدرسة آيلة للسقوط ، مطلوب منه أن يقتنع بأن الإنقلاب العسكري جاء لتغليب مصلحة الشعب المصري ،وبأنه وضع مصر على الطريق الصحيح وتحقيق الديمقراطية، وحقق لها التقدم والنماء والرفاهية .

ولكن طلاب مصر سيلقنون الجنرال درسا يبدو أنه لم يتعلمه في صغره :

وهو ان التاريخ ..تصنع أحداثه الشعوب وليس حكامهم السذج ، ويكتب بالدماء.. لا بأحبار المطبعة .

[email protected]