خميس النقيب
المناضلون خلف الخطوط والمرابطون امام الثغور والمجاهدون وراء القضبان في سبيل دينهم وعقيدتهم  لا يبيعون ضمائرهم  ،   الذين باعوا حياتهم والذين فقدوا أولادهم والذين ضحوا باموالهم تقربا لربهم وفداء لامتهم  لايبيعون ضمائرهم ،  المؤمنون بالحقيقة  والمخلصون للحق والمدينون للدعوة والعاملون للإسلام  لايبيعون ضمائرهم ولا يسقطون كرامتهم ولا يفقدون عزتهم  ،  المدافعون عن حقوق امتهم و المحافظون علي مقدسات  دينهم  وخاصة في غزة الابية   – نحسبهم كذلك ولا نزكيهم علي خالقهم - لايبيعون ضمائرهم  يسيرون  علي درب النبي خير الانام عليه الصلاة والسلام والصحابة العظام قبل الف واربعماة عام ... 
قال محمد رسول الله لعمه ابي طالب حينما اراد ان يثنيه عن طريق الحق فرفض ولو ملكوه الدنيا كلها ، بسمائها وارضها ، ببحرها وجوها ، بشمسها وقمرها  ،  معارضا طلب المشركين : والله يا عمي لو وضوا الشمس في يميني والقمر في يساري علي ان اترك هذا الامر ما تركته حتي يظهره الله او اهلك دونه "
وعلي طريقه قال  الخليفة الراشد ابو بكر حينما ارتد الناس وارادوا الامتناع عن اداء الزكاة واقام الصلاة : أينقص الدين وانا حي ؟  ، والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله  لحاربتهم عليه، يقظة الضمير احيت كل الجوارح  وايقظت كل العزائم ....
  الصحابي الجليل سعد بن ابي وقاص قال لوالدته حينما اضربت عن الطعام  لتصرفه عن دينه الحق  :  تعلمين يا اماه لو كان لك مئة نفس فخرجت نفس وراء نفس ماتركت هذا الدين " وايدته السماء فنزل القرأن  " وان جاهداك علي ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما  ... " ( الاسراء )
وسمية بنت ياسر تقاوم الملعون ابو جهل وتقدم حياتها فداء دينها وحماية  لنبيها ،  بعد ان قيد الملعون  يديها ورجليها بصقت عليه فضربها بحربته  فلقيت ربها  شامخة ثابتة راضية  اول شهيدة في الاسلام  ليتحقق قول  الرسول الكريم : صبرا ال ياسر فان موعدكم الجنة ...
الشهيد  عمر المختار البطل المغوار والسهم البتار  وزعيم الاحرار  رحمه الله قال  للطليان حين ارادوا  ان يساوموه بالابتعاد عن طريقهم  في احتلال ليبيا وقتل مواطنيها مقابل اطلاق سراحه "  لو اطلقتم سراحي لحاربتكم  من جديد " وسيق الي الاعدام ثابتا شامخا مرفوع الراس ..
شهيد الظلال ـ الذي نحي ذكراه  ـ قال للطغاة  الذين ساوموه لاطلاق سراحه :   ان هذه الابهام التي ترتفع بالشهادة  في الصلاة  تابي ان تكتب اعتذار لطاغية  وسيق للاعدام شامخا بدينه عزيزا باسلامه راضيا بقدرالله  قانعا بعطائه  صابرا علي بلائه ..!! 
ويسجل القران لسحرة فرعون موقفهم الخالد :   قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا  من البينات والذي فطرنا  فاقض ما أنت قاض إنما  تقضي هذه الحياة الدنيا  * إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا  وما أكرهتنا عليه من السحر  والله خير وأبقى "  طه  ٧٢ _ ٧٣ 
 وعبد الله بن رواحة ارسله النبي الكريم الي خيبر ، ليقسم ثمار المدينة ويعطي جزء ليهود خيبر ، قال : فجمعوا له حليا من حلي نسائهم ، فقالوا له : هذا لك ، وخفف عنا ، وتجاوز في القسم ، فقال عبد الله بن رواحة رافضا ان يبيع ضميره  : يا معشر اليهود ، والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي ، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم ، فأما ما عرضتم من الرشوة ، فإنها سحت ، وإنا لا نأكلها ، فقالوا : بهذا قامت السموات والأرض ، واليوم ي ،  سير علي دربه  المجاهدون في فلسطين ..!!
قديما  زار الملعون (هرتزل) السلطان عبدالحميد الثاني – رضي الله عنه -  بصحبة الحاخام موسى ليفي وعمانيول قره ، رئيس الجالية اليهودية في سلانيك، وبعد مقدمات مفعمة بالرياء والخداع، أفصحوا عن مطالبهم، وقدَّموا له الإغراءات المتمثلة في إقراض الخزينة العثمانية أموالاً طائلة مع تقديم هدية خاصة للسلطان مقدارها خمسة ملايين ليرة ذهبية، إضافة إلى تحالف سياسي يُوقفون بموجبه حملات الدعاية السيئة التي ذاعت ضد السلطان في صحف أوروبا وأمريكا، لكن السلطان رفض بشدة وطردهم من مجلسه قائلًا لهم: إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبا فلن أقبل، إن أرض فلسطين ليست ملكي إنما هي ملك الأمة الإسلامية، وما حصل عليه المسلمون بدمائهم لا يمكن أن يباع وربما إذا تفتت إمبراطوريتي يوما، يمكنكم أن تحصلوا على فلسطين دون مقابل، لا أستطيع أن أتنازل عن شبر واحد من الأراضي المقدسة؛ لأنها ليست ملكي بل هي ملك شعبي، وقد قاتل أسلافي من أجل هذه الأرض ورووها بدمائهم، فليحتفظ اليهود بملايينهم، إذا فرقت دولتي من الممكن الحصول على فلسطين بدون مقابل، ولكن لزم أن يبدأ التمزيق أولاً في جثتي قبل الحصول على فلسطين  ، طيب الله ثراك يا سلطان عبد الحميد ، .. .  واليوم يتصدي لهم اردوغان ...!!ومجاهدي فلسطين  ضمائر هؤلاء الافذاذ تستعصي علي البيع ، ضمائر هؤلاء ومن سلك طريقهم لا تهون ولا تخون ، لاتغفل ولا تتوه ... اما اليوم فهناك جنرالات وقيادات وجيوش عربية ـ للاسف ـ  مسلمة تتآمر لتدمير فلسطين بعد ان  ضلت طريقها وباعت ضمائرها وخانت شعوبها ....
إن العقول تفسد و الفطر تنتكس و الضمائر تموت بإعراضها عن منهج الله  ، وانحيازها لاعداء الله وهنا يصبح الحق باطلاً و الباطل حقاً , والمنكر معروفاً و المعروف منكراً , إذا امتلأت القلوب من معاصي الله ,  نصير كالمستجير من الرمضاء بالنار  وخاصة إذا أحسنا الظن بأعداء الله , فضمائرهم ميتة وقلوبهم حاقدة ونفوسهم فاسدة ،  اعوانهم واذيالهم وعملائهم حتما يبيعون ضمائرهم ، لا يعرفون ربا ولا يقيمون فرضا ولا يصونون عهدا ولا يوفون وعدا ، اما الذين يحفظون ربهم ويجددون ايمانهم ويعتزون باسلامهم لا يفقدون هويتهم و لا يبيعون ضمائرهم ،  بل يراقبون ربهم يرجون رحمته ويخافون عذابه  من الواجب أن تتعلق قلوبنا بالله وأن نسعى في تربية النفس على معاني الإيمان و الاخلاص والعدل و المراقبة لله تعالى حتى تحيا القلوب و تسمو  الأرواح بنور العلم النافع و العمل الصالح  فتكون الخشية لله في السر و العلن ، والعدل لله في الرضا و الغضب والمراقبة لله في الفقر والغني ...  سئل ذو النون : بم ينال العبد الجنة ؟ فقال : بخمس : إستقامة ليس فيها زوغان وإجتهاد ليس معه سهو , ومراقبة لله تعالى في السر و العلانية , وانتظار الموت بالتأهب له , ومحاسبة نفسك قبل أن تحاسب ، إن المعاني الطيبة التي تنطوي عليها كلمة الضمائر , لا تخرج عما جاء في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، نحن بحاجة لإقامة الدنيا على أساس من دين الله  وأن نعود لمثل ما كان عليه رسول الله , وصحابته الكرام , فقد كانوا أبر هذه الأمة قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفا ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.. وهكذا يجب أن نصنع ضمير سليم، وخُلق قويم، ورؤية صحيحة تقودنا إلى قيادةٍ ربَّانية، رحمة وهداية، قدوة وعناية ، عدل ورعاية ، تنطلق اولا  من داخل الضمير ثم تنتشر في البلاد والعباد  ....اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك و يذل فيه أهل معصيتك و يؤمر فيه بالمعروف و ينهى فيه عن المنكر..