عندما وجهت ثورة 25 يناير ضربة قوية أطاحت برأس الدولة العميقة الفاسدة ، تحركت أذنابها لترتيب الاوضاع وحاربت كل محاولات الحسم الثوري بمختلف العمليات القذرة والجرائم الارهابية ، حتي دبرت الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 ، لتبدأ صناعة لاشرعية موازية تستطيع بها ان تصنع "اللادولة الموازية" تحكم فيها قبضتها على مصر عن طريق شلة بعينها تريد احتكار الثروة والحكم واستعباد الشعب وتقبل بالتبعية للبيت الابيض أو تل أبيب.

إن المساعي المحمومة لصنع تلك اللاشرعية الموازية بدأت بوضوح عقب خسارة الدولة العميقة لكل الجولات الديمقراطية ، التي تستطيع مخاطبة الغرب بها ، فكان قرار حل مجلس الشعب ، ثم وضع اعلان دستوري مكبل ، والرهان علي جولة رئاسية تصب في صالحهم بتمرير شفيق ، فكان الرد من الشعب باختيار ممثل للثورة وهو د.محمد مرسي ، فبدأت المؤامرة تتصاعد  علي الثورة ومكتسباتها بشكل خارجي وداخلي ، واشتعلت مع الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ، فكان رد الشعب بالموافقة  علي الدستور حتى تم شق الصف الثوري واستخدام البعض كسلم لاحداث الانقلاب المجرم   .

ولازال البعض من المجموعات الثورية والأحزاب التي قامت بموجة تصحيح ، انضمت بعدها للحراك الثوري المتصاعد بشكل أو بآخر ، تتركز على الحديث عن  الشرعية الثورية التي لم تكتمل بعد ، ويغضبون من استخدام الثوار لمستند الشرعية الدستورية المحسومة عند الحديث على استرداد الثورة ومكتسباتها الديمقراطية لتحقيق باقي الاهداف والمسارات ، وهو أمر يجب أن يكون محل مراجعة فكرية ثورية .

إن الشرعية الدستورية هي نتاج واضح للارادة الشعبية الحرة التي صنعت ثورة 25 يناير ومكتسب أصيل للثورة التي قامت عقب انتخابات مزورة في 2010 ، وصنعت بارادة شعبية حرة نتائج نزيهة وواضحة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية لتمنح لنفسها شرعية دستورية لا ينزعها فيها منازع ، من اجل استكمال الثورة وتحقيق كافة اهدافها .

وبناء علي ذلك ، فاننا لدينا شرعية واحدة في مصر هي شرعية دستورية صنعتها ثورة 25 يناير بعد اقرار بعض مكتسباتها الديمقراطية وهي التي تواجهه الآن محاولات خبيثية وحثيثة ، لصنع لاشرعية موزاية باطلة كونها قامت علي باطل وتأسست بغير الطريق القانوني والدستوري لحبس الثورة والثوار وبناء لادولة موزاية تلغي الاستقلال الوطني بالكامل وتحول وطننا الي مغتصبة صهيونية أو ولاية ضمن ولايات أمريكا أو دولة تحت الانتداب الاوروبي .

إن فتح باب الترشح لما يسمي بالانتخابات الرئاسية ، جريمة مكتملة الاركان، فمنصب الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي ليس شاغرا ، فطبقا للقواعد الدستورية فخلو المنصب يأتي لموت او انتهاء للمدة القانونية او لتنحي ، وهو ما لم يحدث ، فيما ان المخلوع مبارك الذي جاء بانتخابات مزورة ، تنحي رسميا عقب الثورة ، وبالتالي فنحن بصدد جريمة ضد الديمقراطية والدستور لا استحقاق ديمقراطي .

إن الازمة ليست في شخص الرئيس الدكتور مرسي ، أو الدفاع عن حق العودة له ولكافة المسارات الديمقراطية التي انتجت بارادة شعبية حرة وباسم ثورة 25 يناير ، لاستكمال الثورة ، بل إن الرئيس هو مسار انهاء الازمة وسبيل حسم الخلاف ورمز الثورة المنتخب ، والازمة في راينا في عدم حسم بعض المجموعات الجديدة في مسار رفض الانقلاب لموقفها من استكمال الثورة لحسابات سياسية حزبية فكرية ، خاصة في ظل وجود شبه اتفاق اعلامي على وضع تصور مستقبلي للشراكة الثورية علي قاعدة التعاون أو التنافس ، علي أن يكون التعاون مشروطا بوقت وصياغة لتطبيق برنامج "التنمية والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية " الذي رفعته الثورة من يومها الاول .

لا شك لدينا في سقوط اللاشرعية الموازية وعدم تحقيقها للمخطط الخبيث كاملا أو اقامة اللادولة الموازية التي تديرها امريكا والكيان الصهيوني .. لا شك لدينا في كسر الانقلاب العسكري على الثورة والشرعية الدستورية ، فالانقلابيون لا يملكون الا مسرحيات كوميدية ، واليات غير قانونية وغير دستورية وغير شعبية ، ومناهضة للثورة ، ومن جمع كل ذلك في مشهد خسر ولو بعد حين ، و السرقة لا يمكن يوما أن تكون كسبا حلالا ، واكراه الشعب بصناديق الذخيرة لا يمكن ان يقنن اي اجراء.

إن الابداع الثوري والسياسي مطلوب بشدة في الفترة المقبلة ، مع استمرار الصمود والتطوير الثوري وكسب الغلابة والكادحين والمستضعفين ، لاسترداد الثورة ، واستعادة الشرعية والمسار الديمقراطي وكسر حكم العسكر وانقاذ الجيش ، واستكمال المسار الثوري حتي تحقيق كامل اهدافه وإقرار القصاص .

على قادة الانقلاب العسكري أن يستعدوا ليوم ليس ببعيد ، يحاسبون فيه على كل هذه المهازل ، واهدار دم الشعب المصري ووقته وماله وأمنه القومي واستقلاله الوطني ،  والاخلال باستقرار الوطن والخيانة العظمي ،  وعلى الثوار أن يدبروا أمورهم جيدا ويستعدوا للمرحلة المقبلة ، فمصر الثورة لن تقبل بالمسار الموازي العميل الذي تقوده عصابة كامب ديفيد لصالح اعداء الشعب والديمقراطية ومن يتأخر لا يلومن الا نفسه .


منسق حركة صحفيون من أجل الاصلاح