الحمد لله الجبار الذي خضعت لجبروته الجبابرة , وذَلَّت لعزته الأكاسرة , واستسلمت لقوته القياصرة , يا من تملك حوائج السائلين , وتعلم ضمائر الصامتين , ومبشر أهل الحق بالنصر المبين . والصلاة والسلام على قائد المجاهدين والمرسلين
وبعد :
فإن السنن تدور مع أصحابها , وأن السنن الخارقة على إثْر السنن الجارية تعززها وتنصرها بنصر الله عز وجل
وباستعراض بسيط لأنواع السنن , فإنها تنقسم إلى قسمين :
أولا : السنن الجارية " وهي التي تحكم نظام الكون والدنيا , وتنقسم إلى قسمين :
أ – السنن العامة : وهي التعلقة بالكون ونظاهم الرباني " والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم " سورة يس
ب – السنن الخاصة " وهي المتعلقة بدين الله , وأمره ونهيه , ووعده ووعيده " انظر مجموع الرسائل لابن تيمية , السنن الإلهية في الأمم والأفراد والجماعات – للدكتور عبد الكريم زيدان رحمه الله "
ثانيا : السنن الخارقة : وهي التي يؤيد الله بها أنبياءه , متمثلة في المعجزات , أو يساند بها أولياءه , متمثلة في الكرامات
وهذه الثانية – أي السنن الخارقة – هي الشاهد في هذا المبحث , ومن أمثلتها :
حادثة انشقاق القمر , وانفلاق البحر , وحجب السكين عن طبيعتها " وهي القطْع " , وحجب النار عن طبيعتها " وهي الحرْق "
والعلم بهذه السنن له قواعده الثابتة في كتاب الله تعالى , وأصوله المبثوثة في سنة رسولنا الكريم . ولابد من فهم هذه السنن ,
وقد انتفض الشيخ محمد رشيد رضا – صاحب المنار – رحمه الله , في وجه " العلماء " العملاء , الذين يتعمدون تغييب الأمة عن حقائق هذه السنن  , حيث قال رحمه الله " إن إرشاد الله إيانا إلى أن له في خلقه سننا , يوجب علينا أن نجعل هذه السنن علما من العلوم المدونة , لِنستمد ما فيها من الهداية والموعظة على أكمل وجه ... " المنار 4/141 , الصحوة الإسلامية للدكتور القرضاوي "
ولهذا نقول لكم يا أنصار الحق والشرعية : أبشروا بالفرج لأنكم  وفَّيتم وأجزلتم
1- فلم تقعُدوا مع القاعدين
يقول الله تبارك وتعالى " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضَّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاًّ وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما " النســاء 95
وقد شهد زيد بن ثابت – رضي الله عنه – هذه اللطيفة التي هي من لطائف الله تعالى على عباده , فقال :
كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت عليه " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون فى سبيل الله " النســاء 95 , ولم يذكر أولي الضرر , فقال ابن أم مكتوم : كيف وأنا أعمى لا أبصر ؟ وفي رواية : " والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت " . قال زيد : " فتغشَّى النبي – صلى الله عليه وسلم في مجلسه الوحي , فاتَّكأ على فخذي , فو الذي نفسي بيده , لقد ثقل على فخذي حتى خشيت أن يرضَّها , ثم سُرِّيَ عنه , فقال : " أكتب لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولِى الضرر " فكتبتها ( انظر تفسير ابن كثير – صحيح البخاري )
وقد رأينا أصحاب الأعذار –  منهم الأعمى , ومنهم المشلول , ومنهم العاجز –  تصدروا المسيرات والاعتصامات , وكانوا أشد رهبة في صدور الأعداء من الأصحاء , فاعتقلوهم , وقتلوا منهم ما قتلوا , إلا أنهم لا يزالون أسودا يزأرون في وجوه الباطل الكالحة  الجرباء , فأصابوا الانقلابيين السيسيين بمرض جنون البقر , وانفلونزا الخنازير , ومازال الانقلابيون للآن , نراهم  كالكلاب المسعورة , لم يشبعوا نهمهم .
2 – لأنكم أصحاب حق ، قد غُدِرَ بكم , وبُغِيَ عليكم
نعم : لقد غُدِر بأهل الحق والشرعية ، " وأن الله لا يهدى كيد الخائنين  " يوسف:52 ، فالغدر يسري في دماء السيسيين الانقلابيين , ونزَّهكم الله عن الغدر , لأنه مصطلح  مذموم , وكان الحبيب – صلى الله عليه وسلم – يتعوَّذ منه : " وأعوذ بك من الخيانة؛ فإنها بئست البطانة " أبو داود والنسائي وصححه الألباني
ويضرب لنا الصحابي الجليل خبيب بن عدي  أروع الأمثلة , حينما أسره كفار قريش وأرادوا قتله , ويروي الحديث عبد الله بن عياض : " أن بنت الحارث أخبرته أنهم حين اجتمعوا استعار منها موسى يستحد بها فأعارته فأخذ ابنا لي وأنا غافلة حين أتاه قالت فوجدته مُجلِسَه على  فخذه والموسى  بيده  , ففزعت  فزعة عرفها خبيب في وجهي  , فقال تخشين أن أقتله ؟ ما كنت لأفعل ذلك ( البخاري )
3 – لأنكم ما وجدتم  سببا سلميا إلا وطرقتموه , وما تركتم باب فتنة إلاَّ وأغلقتموه
نعم , لقد  قالها فضيلة المرشد لأبنائه , واتخذها الصالحون مشكاةً ومنهجا , وهو قوله " سلميتنا أقوى من الرصاص "
فلم تفلح جهة أو قوة من قوى البغي والإجرام أن تحيد بكم ولو قدر شُعَيْرة عن منهجكم , وقتلوا ما قتلوا لِتميلوا عليهم فأبيتم إلا السلمية , قتلوا خياركم وعلماءكم وآباءكم وأمهاتكم وأبناءكم , وأنتم ترفعون الأيادي البيضاء التي لاتحمل حجرا , وترددون " سِلْمِيَّةْ " , ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا , وأنتم تزلزلون عرش الباطل " سِلميةْ " , اعتقلوكم واعتقلوا نساءكم , وفعلوا مالم يفعلْه أعداؤكم , وأنتم صامدون " سِلْمِيَّةْ " , حقا يا فضيلة المرشد : سلميتكم أقوى من الرصاص . فضحتموهم وأخزيتوهم بسلميتكم , تُسِفُّونهم الملَّ , ولايزال معكم من الله ظهير مادمتم على ذلك .
4 – لأنكم اتبعتم هُدى الله , وهو سبيل المؤمنين , ولم تتبعوا غيره .
قال تعالى " ولن ترضى عنكَ اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملَّتهم قل إن هدى الله هو الهدى " البقرة 120
وقال تعالى " فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ " البقرة 38
ويقول العلامة محمد رشيد رضا في تفسير المنار : المهتدون بهدى الله تعالى لا يخافون مما هو آت ولا يحزنون على ما فات لأن اتباع الهدى يسهل عليهم سبيل اكتساب الخيرات ويعدهم لسعادة الدنيا والآخرة ، ومن كانت هذه وجهته يسهل عليه كل ما يستقبله ويهون عليه كل ما أصابه أو فقده لأنه موقن بأن الله يخلقه " ج1/185 .
وقال تعالى محذرا كل من يتبع غير سبيل المؤمنين : " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولّى ونصله جهنّم وساءت مصيراً " النساء 115 .
5 – لأنكم جمعتم بين كل عوامل النصر , وذبحتم معوِّقاته
ومن هذه العوامل :
1 – صدق الإيمان واستشعار معيَّةِ الله تعالى
وفي ذلك يقول رب العالمين " وكان حقاً علينا نصر المؤمنين " الروم 47 ، " وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ " الأنفال 19 .
2 – تقوى الله تعالى , ونُصرة دينه
وفي وصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسعد بن أبي وقاص وجنده في حرب العراق ، جاء في هذه الوصية :
" فإني آمرك ومن معك من أجناد بتقوى الله على كل حال فإن تقوى الله أفضل العدّة على العدو وأقوى المكيدة في الحرب انظر العقد الفريد لابن عبد ربه ج1/130 , السنن الإلهية د/ عبد الكريم زيدان .
3 – الصبر ،والمصابرة والمرابطة , وقد ضربتم أروع الأمثلة  يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " آل عمران 200
يا أصحاب الحق والشرعية : السنن تعزز بعضها بعضا
قال تعالى " قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين . هذا بيان وهدى وموعظة للمتقين " آل عمران 137 – 138
في ظلال هذه الآية يقول الشهيد " سيد قطب " رحمه الله تعالى :( قد خلت من قبلكم سنن )
" وهي هي التي تحكم الحياة , وهي هي التي قررتها المشيئة الطليقة , فما وقع منها في غير زمانكم , فسيقع مثله – بمشيئة الله – في زمانكم , وما انطبق منها على مِثْل حالكم , فهو كذلك سينطبق على حالكم ..... وأن ما جرى للمكذبين بالأمس سيجري مثله للمكذبين اليوم وغدا , ذلك كي تطمئن قلوب الجماعة المسلمة إلى العاقبة من جهة , وكي تحذر الانزلاق مع المكبين من جهة أخرى , وعلى إْثر بيان هذه السنة يتجاوب النداء للعظة والعبرة بهذا البيان " هذا بيان وهدى وموعظة للمتقين " . وسبحان الله فقد كان الشهيد سيد قطب مُلهما , عندما قال : " وكي تحذر الانزلاق ... " وهانحن نرى البرهاميين
المجرمين يتلاعبون ويستهزءون بآيات الله , ويلْوون عنق النص ليبرروا نفاقهم وخياناتهم المتتالية والمفجِعة .
ي اأصحاب الحق : أبشِروا , فإن السنن الخارقة على إثْرِ السنن الجارية
بعد أن أخذ أهل الحق وأنصار الشرعية بكل الأسباب المتاحة والمستطاعة , يأذن الله تعالى لسننه الخارقة , التي تأتي الظالمين من حيث لم يحتسبوا , وماهي من الانقلابيين الآن ببعيد , " فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون  " العنكبوت 40 .
ولو وقفنا مع سُنة واحدة من هذه السنن الخارقة , لَشاب الشعر معها
فهذا فرعون المجرم  ( سيسي زمانه وكل زمان ) الذي لم يقدر عليه أحد , والذي قال بكل فجور وكفر " أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون " الزخرف 51
لقد خدع طائفة من جهلة الأمة , ولجأ إلى هذا الأسلوب ليخيف الجبناء والضعفاء , إذا برب العالمين يبطل هذا الادعاء الكاذب السخيف , ويأمر البحر ليغرق هذا الفاجر , فأجْرَى الله الماء من فوقه .
 لكن أشد اللحظات على فرعون , عندما يرى نفسه عاجزا – لا حول له ولا قوة - , وقد اعترف بقدرة الله الحقيقية , اعترف بألوهيته   لكنه اعتراف المشلولين المدهوشين بسبب هول ما رأى , فأذهَبَتْ عقله وأطاحت بتفكيره , فمازال يتكلم بأسلوب الغامضين  , حتى عند موته , وليس بعجيب على هؤلاء المتجبرين أن يقولوا " حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل  " يونس 90 . لقد أعلن إسلامه هذا المجرم الكافر  " وأنا من المسلمين " , أسلم  بعد قتل الراكعين والساجدين المعتصمين , بعد قتل الأجنَّة في بطون أمهاتهم , بعد قتل الرُّضَّع وثُدِيّ أمهاتهم في أفواههم , بعد سِجن خيرة العلماء , بعد أن طلب تفويضا يبيح لنفسه قتل الأنفس بغير الحق , فهل قَبِل الله إسلامه ؟؟؟؟ كلا وألف كلا , وتأملوا هذه الرواية :
عن ابن عباس – رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه " قال لي جبريل : لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فِيِّ فرعون مخافة أن تدركه الرحمة " صححه أحمد شاكر والألباني وغيرهما
ومن السنن الخارقة قصة الصحيفة التي علقها الانقلابيون من المشركين في حجر الكعبة , وذلك بعد أن حاصروا المسلمين بقيادة رسولنا – صلى الله عليه وسلم – وعزلوهم عن الناس حتى لايلتقوا بهم , وحتى لايوضحوا  قضيتهم للعالم " كما في عصر السيسي المارق المارد , فقد أغلقوا القنوات الفضائية كلها والتي ربما تناصر المظلومين , وسجنوا الرئيس الشرعي , بعد أن اختطفوه بقوة السلاح , مرورا بالقتل والتدمير , وبالتالي يتفق الصالحون في العالم أنه أبو جهل هذا الزمن , وفرعون هذه الأمة "
وكذلك في الإسراء والمعراج , والرسول يذكر لهم ما فتح الله عليه من نعمة , وصلاته في بيت المقدس , وأكابر المجرمين الانقلابيين  يسخرون منهم " ففيهم عمرو أديب ولميس وباسم والحسيني وخالد يوسف والأبراشي وغيرهم من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ممَّن كانوا في زمانهم , ونشروا الخبر بسرعة عجيبة من خلال قنوات الفلول في البلْدة الطيبة , بل وازداد سخرية واحد من مغفليهم , وطلب من الرسول أن يصف له بيت المقدس , والرسول – صلى الله عليه وسلم – يصف الحال فقال :
" لمَّا  كذبني قريش قمت في الحجر (حجر إسماعيل) فجلَّى الله لي بيت المقدس
كشف الحجب بيني وبينه ,  فطفقت أخبرهم عن آياته، وأنا أنظر إليه " صحيح: رواه البخاري ومسلم وأحمد
ومن السنن الخارقة أن الله أخذ بأعين المشركين وأعماهم مرتين في يوم واحد , وهو عند خروج المصطفى – صلى الله عليه وسلم – من بيته , والأخرى  على باب الغار – وقول أبي بكر – رضي الله عنه - " يا رسول الله : لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما " وفي رواية : " فقلت: يا نبي الله لو أن أحدهم طأطأ بصره رآنا، قال: اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما " البخاري وبنحوه عند مسلم
وقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية هذه الرواية العجيبة  حيث يقول – رحمه الله –  " قد ذكر بعض أهل السير أن أبا بكر لما قال ذلك , قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لو جاءونا من ها هنا لذهبنا من هنا ,
فنظر الصديق إلى الغار قد انفرج من الجانب الآخر , وإذا البحر قد اتصل به، وسفينة مشدودة إلى جانبه "
لكنه من باب الأمانة العلمية , والتي اشتهر بها ابن كثير رحمه الله قال : وهذا ليس بمنكر من حيث القدرة العظيمة، ولكن لم يرد ذلك بإسناد قوى ولا ضعيف، ولسنا نثبت شيئا من تلقاء أنفسنا، ولكن ما صح أو حسن سنده قلنا به , والله أعلم . ( انظر البداية والنهاية ج2/ 192طبعة دار الكتب العلمية , وذكرها صاحب السيرة الحلبية ".
ونكتفي برأي ابن كثير ففيه الثراء .
ومن السنن الخارقة كذلك , في غزوة بدر : نزول الملائكة معهم , حتى رآهم المشرك , ولم يرهم المسلمون , إلا أن بعض الصحابة قد سمع صوتا يقول : " اقدم حيزوم " فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم "  صدقت , ذلك  مدد من السماء الثالثة " صحيح مسلم ( حَيْزُوم : اسم فرس المَلَك الذي جاء من السماء الثالثة ) انظر شرح مسلم للنووي .
ومن السنن الخارقة : تسليط الريح على الأحزاب والانقلابيين الذين تحزَّبوا لقتل المسلمين .
حيث سلط الله عليهم ريحا شديدة , وجنودا لاتُرى , فقلبت لهم قدورهم , واقتلعت خيامهم , ونجا المشركون والأحزاب  بأنفسهم هاربين مذعورين , ونصر الله رسوله والمؤمنين .
 وبينما حذيفة في طريق عودته لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقد كان مكلَّفا بالدخول وسط المشركين ليعرف أخبارهم , وعلينا أن نعير مسامعنا لحذيفة - رضي الله عنه -  إذا تكلم , فهو خير واصف للحدث , حيث قال :  " إذ أنا بنحو من عشرين فارساً  أو نحو ذلك مُعتَمِّين ، فقالوا أخبر صاحبك أن الله قد كفاه , فأنزل الله تعالى :
" يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا .... وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا " الأحزاب – البداية والنهاية – والرواية لأبي داود وابن عساكر .
ومن السنن الخارقة في نفس الغزوة : أن يشبع ألف مجاهد من شاة واحدة , طبختها زوجة جابر ابن عبد الله , ليسدّ بها جوع رسول الله , حيث أن الجوع قد بلغ مبلغه من رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
وفي نفس الغزوة أيضا رأينا حفنة من التمر تكفي الجيش كله بعد شدة جوع وخوف وبرد .

وقد تنزل السنن الخارقة لِنُصْرة فرد واحد لا يملك لنفسه حولا ولا قوة إلا بإذن الله تعالى , ومن هذه السنن :
1 –  عندما جاء غورث بن الحارث , إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو نائم تحت ظل شجرة , وسيف الرسول مُعلَّق بأحد أغصانها , فأخذ السيف وقال : من يمنعك مني يا محمد ؟ قال الله . فوقع السيف من يد وأخذه الرسول , فقال له ومن يمنعك مني ؟ فقال غورث : كن خير آخذ , ثم عف عنه رسول الله " صحيح مسلم , وفي رواية البيهقي أن الرجل أسلم  بعد رؤيته لهذه الآية " .
2 – أَمَةً – جارية – لا حسب لها ولا نسب , ينصرها الله تبارك وتعالى , بعد أن اتهموها بالسرقة :
تروي لنا أمنا عائشة – رضي الله عنها , وغضب الله على من يؤذيها – هذه الحادثة الفريدة من نوعها , فقالت :
" أن وليدة كانت عند قبيلة من العرب , فأعتقوها فكانت معهم  ( يقال وليدة على الأمَة ولوكبرت )
 فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور ( أي عروس لهم , والوِشاح يكون من اللؤلؤ المرصع على هذه السيور الجلدية , شدَّته بين عاتقها وكشحها ) , فوضعته , فمرت به حُدَيَّاه  ( تصغير حِدْأة ) وهو مُلقَى فحسبته لحما فخطفته , قالت : فالتمسوه , فلم يجدوه , قالت فاتهموني به فقطعوا بي يفتشوني , وتقول عائشة : ففتشوا حتى فتشوا قُبُلَها . قالت : فوالله إني لقائمة معهم إذ مرَّت الحُدَياة فألقتْه , فوقع بينهم . قالت : فقلت : هذا الذي اتهمتموني به , زعمتم , وأنا منه بريئة وهو ذا هو . قالت : فجاءت إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأسلمَت . قالت عائشة : وكان لها خِباء في المسجد , قالت : فكانت تأتيني فتتحدث عندي . قالت : فلاتجلس عندي مجلسا إلا قالت : ويوم الوِشاح من أعاجيب ربنا ... ألاَ إنه من بلدة الكفر أنجاني . قالت عائشة  فقلت لها ماشأنك لاتقعدين معي إلا قلت هذا ؟ قالت فحدثتني بهذا الحديث . ( البخاري والطبري )
فياأنصار الحق والشرعية : آن للظلم أن يندحر , وآن للقيد أن ينكسر , فلاتتعجلوا  , وسترون عجبا ونصرا مبينا بإذن من الله وفضل منه عليكم , وستُنصرون بهذه السنن التي ستأتي من حيث لانحتسب .
ولقد اختار الله لكم هذا الطريق بآماله وآلامه , بمِنَحِه ومِحَنِه  , لحِكمة هو أعلم بها , و " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " محمد 
وصدق الله تعالى : " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب " (البقرة:214)
وثِقوا في نصر الله تعالى لكم  , وهو القائل " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون " الصفات 171 – 173 .
والله أكبــــــــــــــــــــر ولله الحمد