بقلم - خميس النقيب :
 
الايام تتبدل   والاحوال تتغير والمواقف تتحول  لكن الثابتين في مكانهم لا يبرحون وعلي عهدهم لا ينقضون وعند مبادئهم لا يتزحزحون ..!! لذلك تجد ضعاف الايمان ومرضي القلوب وفاقدي المبادئ ومتجردي القيم منهم يسخرون  ، زين لهم الشيطان اعمالهم فضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا  ، اما النتيجة الحتمية والنهاية المرضية ان الذين اتقوا فوقهم يوم القيامة ولو كانوا فقراء ولو كانوا مستضعفين  ولو كانوا مضطهدين  كيف؟ !!
" زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب ( سورة البقرة (
 اتفق بعض  من المفسرين علي ان المزين هو الله تعالي  وقال الزجاج : زين لهم الشيطان ، وقيل نزلت هذه الآية في مشركي العرب أبي جهل وأصحابه كانوا يتنعمون بما بسط الله لهم في الدنيا من المال ويكذبون بالمعاد ( ويسخرون من الذين آمنوا ) أي يستهزئون بالفقراء من المؤمنين والمجاهدين والمرابطين والمهاجرين ..وما اشبه الليلة بالبارحة  ، استهزاء وغباء مفعم يالقتل ومغلف بالحقد من قبل بعض السفهاء الذين يبغضون اﻻسلام ويكرهون المسلمين .. !
 قال ابن عباس : أراد بالذين آمنوا عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وصهيبا وبلالا وخبابا وأمثالهم وقال مقاتل : نزلت في المنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه كانوا يتنعمون في الدنيا ويسخرون من ضعفاء المؤمنين وفقراء المهاجرين ويقولون : انظروا إلى هؤلاء الذين يزعم محمد أنه يغلب بهم  ( ويسخرون من الذين آمنوا ) لفقرهم ( والذين اتقوا ) يعني هؤلاء الفقراء ( فوقهم يوم القيامة ) لأنهم في أعلى عليين وهم في أسفل سافلين .
والعطاء في الاخرة علي قدر التوجه والجزاء يو م القيامة حسب النية، والعمل يصدق كل ذلك،  المترفين في الدنيا علي خطر عظيم والمنعمين في الحياة لهم حساب عند الله شديد  ، اما الفقراء والمساكين والمستضعفين الذين يقع عليهم الظلم والاستهزاء وجبال البلاء اليوم وكل يوم ويصبرون،   لهم عند الله جزاء ما يعملون كيف؟  !!  عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وقفت على باب الجنة فرأيت أكثر أهلها المساكين ووقفت على باب النار فرأيت أكثر أهلها النساء وإذا أهل الجد محبوسون إلا من كان منهم من أهل النار فقد أمر به إلى النار " . 
الموازين عند الخالق تختلف عن الموازين عند المخلوق، موازين السماء غير موازين الارض  كيف؟  عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال : مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده جالس : ما رأيك في هذا؟ فقال : رجل من أشراف الناس : هذا والله حري إن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مر رجل آخر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما رأيك في هذا؟ فقال : يا رسول الله إن هذا رجل من فقراء المسلمين هذا حري إن خطب أن لا ينكح وإن شفع أن لا يشفع وإن قال أن لا يسمع لقوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خير من ملء الأرض مثل هذا " . 
السخرية من الفقراء عيب خطير والاستهزاء بالضعفاء مرض عسير  وخسران مرير في الدنيا والاخرة  ،المجرمون  يسخرون مرارا ويضحكون كثيرا ويتغامزون دائما ويلصقون التهم جزافا  ان كان في الفضائيات او في الجرائد والمجلات او في المواقع والمنتديات او حتي في الطرقات   سيشربون  يوما من نفس الكاس ..كيف؟
 
إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حافظين  "سورة  المطففين  
يوما غير بعيد سينقلب بهم الحال،  لكن الذين امنوا فقراء ومساكين ومستضعفين ومضطهدين يتنعمون ويضحكون يوم لاينفع مال ولا بنون علي الارائك يتسائلون هل ثوب المجرمون  ما كانوا يستهزئون ..!! " فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون "سورة المطففين 
وهذا رزق من عند الله ( والله يرزق من يشاء بغير حساب ) قال ابن عباس : يعني كثيرا بغير مقدار لأن كل ما دخل عليه الحساب فهو قليل يريد : يوسع على من يشاء ويبسط لمن يشاء من عباده وقال الضحاك : يعني من غير تبعة يرزقه في الدنيا ولا يحاسبه في الآخرة وقيل : هذا يرجع إلى الله تعالى 
 اللهم ارزقنا حسن الخاتمة واجعلنا من الذين يضحكون يوم لقاءك  علي الارائك ينظرون ويتنعمون في الجنة ...